أما وقد انكسرت جرة العلاقات بين بنشعي والرابية ولم يعد من امكان لاعادة لحمها بعد انفجار السجال الناري بين رئيسي التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وتيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي علّق الحوار الوطني على حبال الميثاقية والتمثيل المسيحي، وثبت بالعين المجرّدة ان أيا من المرشحين الرئاسيين في فريق 8 آذار ليس في وارد التنازل للآخر، فان بوصلة الترشيحات الرئاسية باتت متجهة حكما كما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية” نحو مرشح الحياد الذي تحدث عنه اكثر من زائر سياسي عربي وغربي للبنان، كأحد مخارج الازمة، مع ابداء الرغبة بالمساعدة اذا ما تم التوصل الى اتفاق داخلي حوله.
وتعزز هذا الاتجاه مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري التي اكدت “ان لبننة الحوار اصبحت أصعب والأمور في انتظار الخارج”، معطوف عليها تفكك جبهات التحالف في 8 و14 آذار على السواء، ما يؤشر الى ان المرحلة الجديدة قد تشهد ولادة جبهات بعيدة من الفريقين من شأنها ان تؤسس لمشهد لبناني جديد مطلوب داخليا وخارجيا لمواكبة التحولات الكبرى في المنطقة يدفع بعض القوى السياسية المحلية في اتجاهه. وتؤكد المصادر ان حليفي التيار الوطني الحر في 8 آذار لم يكونا بعيدين من اجواء ما جرى على الطاولة الحوارية قبل انعقادها لان كل المؤشرات “العونية” كانت تصب في خانة التصعيد، حتى ان الوزير باسيل كان أعدّ الموقف سلفا بدليل انه كان يقرأ ورقة مكتوبة، وعلى رغم ذلك لم يبادر حزب الله ولا الرئيس بري الى ترطيب الاجواء قبل انعقاد الجلسة لتجنب ما جرى. الا انها تشير الى اتصالات تدور بعيدا من الاضواء بين الضاحية والرابية من جهة والضاحية وبنشعي من جهة اخرى لمحاولة رأب الصدع وشد العصب الاذاري مجددا، ولو ان الجميع بات يدرك ان المهمة صعبة جدا. وتفيد ان اجتماعا قد يعقد في الايام القليلة المقبلة بين امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون بطلب من الاخير على ان يليه آخر بين نصر الله وفرنجية في وقت لاحق، وان الاتصالات تشمل عين التينة ايضا لترطيب الاجواء مع الرابية. ويحرص حزب الله، كما تقول المصادر، على تهدئة الاجواء وعدم دفع الامور في اتجاه مزيد من السخونة قد تنفجر في الشارع اذا لم تعالج اسبابها ودوافعها، ويتوقع في هذا المجال ان يتمنى نصرالله على عون وقف التصعيد لعدم الانزلاق الى الفتنة التي حذر منها الرئيس بري بتوصيف ما يجري بانه مدخل للحرب الاهلية، ومحاولة ترتيب العلاقة ولو بالحد الادنى مع فرنجية، على الاقل في العلن وعلى المستوى الشعبي اذا تعذر ترميمها في السياسة.
ولا تستبعد المصادر طبقا لهذا المشهد، ان تشهد الساحة اللبنانية عودة للموفدين العرب والاجانب الذين استطلعوا في زيارات سابقة اراء القوى السياسية في الملف الرئاسي، ومن بينهم وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت ونظيره المصري سامح شكري الناشطين على خط تذليل العقبات الرئاسية، خصوصا بعد التعثر الحواري واتجاه الامور نحو منحى خطير يوجب تدخلاً من الخارج لوقف اندفاع الدولة نحو الانهيار، في ضوء القرار الدولي بابقاء مظلة الاستقرار مفتوحة فوق الساحة اللبنانية خصوصا مع دخول الدول الكبرى الراعية للبنان مدار انتخاباتها الرئاسية التي لن تفسح لها المجال للاهتمام بلبنان وشجونه الى حين انتهاء استحقاقاتها في الربيع المقبل.