عادت خفافيش الليل و»سرايا الفتنة» لتعبث بأمن مجدل عنجر مجدداً، بعدما ارتاحت هذه البلدة لسنوات ماضية من هذه الأعمال التخريبية التي تحاك في بعض الغرف السوداء في المنطقة من أجل إحداث فتنة في هذه البلدة.
فقد استفاق الأهالي، قرابة الساعة الثانية فجر ليل الإثنين الثلثاء، على دوي انفجار هزّ الشارع الرئيسي للبلدة، على بعد عشرات الامتار من ساحتها العامة ومركز بلديتها. وتبين أنه ناجم عن عبوة استهدفت سيارة محمد سليم عبد الخالق من نوع «رانج روفر»، كان قد ركنها أمام المبنى المجاور لمنزله.
العبوة التي تركت فجوة في الطريق، أدت الى اصابة ثلاث شقيقات من عائلة أحمد هدحو السورية التي تقطن في مرآب المبنى الذي كانت السيارة المستهدفة مركونة امامه، وهن: هاجر (5 سنوات)، ياسمين (7 سنوات) وهنادي (10 سنوات). وتم تقطيب جروحهن، جراء الزجاج المتناثر، في مستشفى الناصرة التابع للهلال الاحمر الفلسطيني. كذلك، أحدث الانفجار أضراراً في السيارة المستهدفة، وفي سيارة أخرى كانت مركونة الى جانبها، وأدى الى تحطم زجاج المنازل المجاورة وواجهة متجر محاذ.
وأظهرت الكاميرات الموجودة في محيط المكان، وتحديداً بالقرب من المسجد ومركز البلدية، بحسب ما كشفت مصادر مطلعة في البلدة لـ «المستقبل»، أن سيارة مستأجرة من نوع هيونداي «i10» داكنة اللون، أطفأت أضواءها لدى اقترابها من السيارة المستهدفة، وأشعل من في داخلها فتيلاً، ورماه تحت سيارة عبد الخالق، وما هي إلا دقائق حتى دوى الانفجار. وسارعت الاجهزة الامنية الى فتح تحقيق بالموضوع، وعملت على سحب أشرطة الكاميرات الموجودة في المنطقة.
ولفتت المصادر الى أن هذه السيارات عادة ما يستعملها عناصر «سرايا المقاومة« التابعة لـ «حزب الله «من أبناء البلدة، مشيرة الى أن استهداف عبد الخالق جاء بعد رفعه أول من أمس لافتة على طريق المصنع الدولية انتقد فيها رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب على خلفية كلامه عن ابن بلدة مجدل عنجر المتعهد قاسم حمود.
واستبعدت المصادر قيام أحد من خارج البلدة بهذا التفجير، لصعوبة الوصول إلى الحي الفرعي الضيق الذي ركنت فيه السيارة، واستهدافها، ما لم يكن خبيراً بزواريب البلدة ومنافذها.
وصاحب السيارة المستهدفة يعمل في تخليص المعاملات الجمركية على الحدود اللبنانية السورية عند نقطة المصنع، ومعروف بلقب «اوغي سليم» في البلدة، وكان في اليومين الماضيين محور الاحاديث، بعد قيامه برفع اللافتة، وجرى تداول صورته على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال تعليقها.
وهجوم عبد الخالق على وهاب جاء بعد أن تناول الاخير، المتعهد حمود، ابن البلدة، في معرض حديثه عن ملفات الفساد، بداية في برنامج «كلام الناس»، ثم في تصريح له لدى استقباله وفوداً في دارته في الجاهلية، متهماً حمود بأنه «أصبح أقوى من الدولة، ويعمل على منع المواطنين من الافادة من عشر ساعات كهرباء زيادة لأنه ممسك ببعض الوزراء ويريد والشركات السمسرة«. وقوبل كلام وهاب في المرتين بردود فعل مستنكرة في بلدة حمود، ترجم برفع لافتات مؤيدة للاخير وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تناصره وتهاجم وهاب.
وربطت مصادر مطلعة في البلدة بين ما جرى والمعلومات عن عمل «حزب الله» في الفترة الماضية، على خرق البلدة عبر تجنيد عدد لا يستهان به من شبابها في «سرايا المقاومة» لقاء مبلغ من المال يتراوح بين 300 و600 دولار للعنصر الواحد شهرياً مع تسليمهم أسلحة فردية ورشاشات من نوع «كلاشينكوف» مع عدد وفير من الطلقات وتكليفهم مهمات لجمع المعلومات عن أي ناشط للثورة السورية سواء كان سورياً أم لبنانياً مع الاستعداد لاستدراجه وخطفه فيما لو كان سورياً، فمجدل عنجر لها تاريخ كبير في نصرة الثورة السورية منذ يومها الأول، وهي إحدى أكبر المدن السنية في البقاع الأوسط والموالية سياسياً لتيار «المستقبل»، فلا بد أن تكون البلدة على لائحة أهداف «حزب الله« وسراياه، التي تبرأت فاعليات البلدة في وقت سابق من المنتسبين اليها ودعتهم إلى الإنسحاب منها.
وأصدرت قيادة الجيش مديرية التوجيه بياناً، أشارت فيه الى أنه «عند الساعة 2.30 من فجر اليوم (أمس)، وفي بلدة مجدل عنجر البقاع، انفجرت قنبلة يدوية كانت موضوعة في أسفل سيارة جيب نوع رانج روفر، ما أدّى إلى إصابة ثلاثة أشخاص من التابعية السورية بجروح طفيفة، كانوا على مقربة من السيارة المستهدفة، بالإضافة إلى حصول أضرار بالسيارة المذكورة. وتدخلت قوة من الجيش وعملت على عزل المكان، كما حضر الخبير العسكري الذي قام بالكشف على موقع الانفجار، وبوشر التحقيق لكشف الفاعلين«.
كما أصدر رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين، بياناً، استنكر فيه «هذا الحادث الخطير»، واضعاً إياه في «خانة الإعتداء على مجدل عنجر وكرامتها وإثارة الفتنة فيها باعتباره عملاً مشبوهاً يحمل من الخطورة ما يستدعي من الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة في البقاع العمل بسرعة لكشف ملابساته وخلفياته، نظراً الى ما ينطوي عليه من تداعيات أقل ما يقال فيها أنها خطيرة». وشدد على أن «أي اعتداء على أي مواطن من مجدل عنجر هو إعتداء على كل أهالي مجدل عنجر، ولن نرضى أن يمر مرور الكرام»، مطالباً «الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة ببذل كل الجهود الممكنة للكشف سريعاً عن خيوط هذا العمل المشبوه وتوقيف من نفذه، وإحالته على العدالة». وأكد أن «أهالي مجدل عنجر الذين يراهنون على سلطة الدولة وسيادة القانون، يقفون صفاً واحداً وكلمة واحدة لمواجهة أي تداعيات قد يسببها هذا العمل الدنيء على أمن بلدتهم وسلامة السلم الأهلي فيها وفي كل البقاع».