Site icon IMLebanon

“14 آذار” تتمسك بالحوار: فليعمّق “التيار” ورطته

 

 

 

كتب عمّار نعمة في صحيفة “السفير”:  

لعله نعي غير رسمي لمساعي الحوار ذلك الذي مثّله تعليق جلساته في عين التينة قبل يومين.

وبغضّ النظر عمن يتحمل مسؤولية ذلك الإخفاق، فإن الفراغ على صعيد التواصل بين المتحاورين قد انضم بذلك الى الفراغ الأهم في البلاد على الصعيد الرئاسي، في الوقت الذي يشير البعض فيه الى ان الفراغ الحكومي، وإن لم يحصل فعلياً، فإنه حاصل واقعياً نتيجة عجز الحكومة عن اتخاذ اية قرارات هامة، واقتصار جلساتها على قرارات متواضعة.

لكن المسألة تبدو بالغة الوضوخ في أروقة 14 أذار.

في قراءة لقوى فيها تحميل مسؤولية الفشل الى العماد ميشال عون، وبالطبع «حزب الله» الذي يؤمّن له التغطية الكاملة، وإن كان يختلف معه في بعض الخطوات «المتسرّعة» من قبل «الجنرال»، التي تتالت في الأيام الأخيرة الى حد وضع البلاد امام «مفترق خطير».

تقرّ هذه القوى باختلافات بين الحليفين الوثيقين في 8 أذار، «حزب الله» و»التيار الوطني الحر».

يقول هؤلاء إن الحزب لا يوافق على مقاطعة الحكومة، ويعتبر ان من شأن هذا الامر تهديد مؤسسة مجلس الوزراء التي تعتبر بالغة الأهمية في ظل الظروف الحالية وسط غياب رئيس للجمهورية ودخول البلاد في أزمة مؤسسات عميقة.

كما ان الحزب يرغب في عدم تهديد الحوار الذي يرعاه الرئيس نبيه بري في عين التينة، ما لا يبدو ان العماد عون يوليه الاهتمام، في ظل شروعه في خطة احتجاج تصاعدية لا يبدو انها تقف عند طاولة الحوار.. وحتى الحكومة.

ويشير هؤلاء الى إحراج يشعر به الحزب جراء خطوات عون، فهو، من ناحية، ليس راضيا عن ذلك التصعيد غير المحسوب، ومن ناحية ثانية، يريد حفظ ماء وجه «الجنرال» و «إنزاله عن الشجرة» التي صعد إليها.

ولكن يبدو ان «التيار» ليس في وارد الوقوف عند ما حصل. ومع اداركه حساسية «حزب الله» تجاه أي صدام داخلي قد تذهب اليه البلاد، عمد العماد عون الى التصعيد، أولا في غيابه عن جلسات الحكومة، ومن ثم عبر تعليق مشاركته في طاولة الحوار، وذلك لعلمه ان ليس بين اللاعبين المحليين من يريد ان تصل الأمور الى التأزيم في ظل وضع إقليمي بالغ الحساسية، وعلى رأس هؤلاء «حزب الله»!

في الواقع ان قراءة تلك القوى في 14 أذار تشير الى ان عون يلعب على حافة الهاوية. وما حصل على طاولة الحوار ليس وليد الصدفة، بل إن ثمة تخطيطاً له منذ فترة، ولم تكن خطوة تعليق الحوار في عين التينة سوى النتاج الطبيعي لذلك المخطط.

هي سياسة «شعبوية» لجأ اليها «التيار»، لن تقف عند ما حدث، وتتخذ من «الميثاقية» عنواناً يلهب مشاعر المسيحيين، في سبيل الاستفادة من مرحلة الانتظار الاقليمي الحالية، لمحاولة تحقيق «ضربات استراتيجية» لا تسمح الظروف الحالية بها، حسب هؤلاء.

وفي يقين أصحاب هذه القراءة ان عون يورّط نفسه، في ما يلقى ارتياحاً لدى هؤلاء، وهو يشرع في سياسة طائفية، عن علم أو غير علم، تطاول حتى «حزب الله».

لكن يبقى ان لا بديل عن الحوار الذي يضم غالبية أقطاب 14 أذار. وبينما يشير البعض في تلك القوى الى ان لا فائدة من الحوار مع «حزب الله»، وهو ما يقولون إن الأيام أثبتته منذ نيف وعشرة أعوام، يبدو ان غالبية شرائح تلك القوى لا تزال مؤمنة بهذا الحوار. بالنسبة الى هؤلاء، يمثل الحوار الجامع للأقطاب ورقة التوت التي تستر عورات السياسة في ظل الفراغ الرئاسي و«الشلل» المجلسي. إنه نقطة الضوء في نهاية النفق، إذ لا بديل عن تواصل القيادات اللبنانية مع بعضها البعض بما يحمي وحدة اللبنانيين وأمنهم الاجتماعي.

أما الحكومة، فيشير أصحاب هذه القراءة الى انها لن تنهار، بل ستتابع أعمالها من دون توقف، وستكون على موعد مع جلسة يوم غد التي من المرجح ان تستمر مقاطعة وزراء «التيار الوطني الحر» لها.

وينطلق هؤلاء من رؤيتهم المطمئنة لأعمال الحكومة من قراءتهم للواقع الإقليمي والدولي، كما من إشارتهم الى ان ثمة تمثيلاً مسيحياً في الحكومة الحالية. وهم يسألون العماد عون، في المقابل: كيف عملت حكومتك بين عامي 1988 و1990 من دون الوزراء المسلمين؟ وكيف عملت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بين العامين 2006 و2008 من دون الوزراء الشيعة؟