كرست صحيح ان القمة التي جمعت الرئيسين الاميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين في الصين اتفاقا حاسما بينهما على ضرورة الحل السياسي للأزمة، ما يعني ان “الهدنة” لا بد منها وأنها مقبلة الى الميدان السوري، عاجلا أم آجلا. وفي انتظار تذليل العقبات التي لا تزال تحول دون إبرام تفاهم نهائي بين واشنطن وموسكو في شأن سوريا، والتي قد يعرض لها وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا جون كيري وسيرغي لافروف في لقاء يتوقع ان يجمعهما الجمعة، تتضافر الجهود الدولية والاقليمية للتوصل الى وقف لاطلاق النار، ولو مؤقت، في سوريا وفي المناطق الساخنة في شكل خاص وأبرزها حلب. وينشط على هذا الخط كل من أميركا وروسيا والسعودية وتركيا، آملة في أن تدخل حيز التنفيذ مع حلول عيد الاضحى الاثنين المقبل، على ان يلتزم بها النظام السوري وقوى المعارضة، وتشكل فرصة لادخال المساعدات الى السكان المحاصرين.
وفي السياق، تحدث وزير الخارجية السعودية عادل الجبير عن “إمكانية للوصول إلى تفاهم في شأن وقف اطلاق النار في سوريا، في الساعات الأربع والعشرين المقبلة أو نحو ذلك، الامر الذي سيختبر جدية بشار الأسد في الالتزام”. أما المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين فلفت الى أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان شدد في اجتماعين منفصلين عقدهما أمس في اللحظة الأخيرة قبل مغادرته الصين مع الرئيسين أوباما وبوتين، على ضرورة الإسراع في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حلب، قبل حلول عيد الأضحى، وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات إلى المحتاجين”، مضيفا “ننتظر الاتفاق النهائي. تلقينا خطوطا عامة، لكننا نتوقع اتفاقا على ورق يمكن تطبيقه”، مشيرا الى ان “إردوغان أبلغ بوتين بأن سكان حلب يحتاجون إلى هدنة بمناسبة عيد الأضحى الذي سيُحتفل به في 12 أيلول.” وقال كالين “إن وقف إطلاق النار يمكن أن يبدأ بهدنة لمدة 48 ساعة يتم تمديدها وتلتزم بها القوات السورية والفصائل المسلحة”.
هذه المعطيات التي يجد فيها “السلم” صدى – ولو ضئيلا- وسط ضجيج آلة الحرب، تُحوّل الانظار نحو مستقبل سوريا وتحديدا الى مرحلة إعادة إعمارها التي ستنطلق فور سكوت المدفع وإطلاق عجلات الحل السياسي. وفي وقت يفتتح في دمشق اليوم معرض “اعادة اعمار سوريا” في حضور ممثلين عن شركات عالمية غربية وعربية تعنى بالبناء، تقول مصادر ديبلوماسية لـ”المركزية”، إن لولب هذه الورشة المنتظرة هو لبنان. فجار سوريا الاصغر سيلعب دورا حيويا في اعادة الاعمار المرتقب وسيكون أول المستفيدين منه، اللهم اذا جهّز نفسه جيدا للعب هذا الدور. من هنا، فإن المساعي التي انطلقت في الأسابيع الماضية لإحياء سكك الحديد من الضروري استكمالها، خصوصا تلك التي تتحرك على خط بيروت – ضهر البيدر – دمشق، وتلك التي تذهب من العاصمة شمالا نحو سوريا، ذلك ان السكك تشكل وسيلة سريعة وفعالة لنقل البضائع والمعدات ومطلوب الاستعجال في تفعيلها. واذ تلفت الى ان مرفأي بيروت وطرابلس سينتعشان بقوة مع انطلاق اعمال بناء سوريا، تشدد المصادر على أهمية تجهيز ميناء عاصمة الشمال وتطويره ليواكب الحركة التي سيشهدها. وتتفاءل المصادر حيال تأثير انتهاء الحرب في سوريا على لبنان، حيث تتوقع أن يشهد نهضة اقتصادية لافتة، مشيرة الى ان كلام حاكم مصرف عن وضع الليرة القوي والذي سيزداد متانة أكثر في المستقبل رغم الظروف السياسية، له ابعاده ومعانيه ومبرراته ولم يأت أبدا من عدم.