اختتمت الندوة التي نظمتها الرابطة المارونية في لبنان، بعنوان “النازحون السوريون – طريق العودة” أعمالها أمس، وانصرف المعنيون فيها إلى إعداد التوصيات التي ستعلن يوم الثلاثاء المقبل، وهي ستتضمّن أبرز العناوين التي تناولتها، وأهمها التشديد على ضرورة “إيجاد الحلول العملية الممكنة لأزمة النزوح وتداعياتها، والخروج بمقررات قابلة للتحقق”.
الندوة التي عقدت في فندق “متروبوليتان حبتور” في العاصمة اللبنانية بيروت، وشارك فيها ممثلون عن هيئات الأمم المتحدة وخبراء في القانون الدولي، ومنظمات تعنى بشؤون اللاجئين السوريين، دعت إلى “النظر بواقعية لقضية النازحين، والتحديات التي تمثلها بالنسبة للبنان، ووجوب اعتماد مقاربة موحدة لمعالجتها، والحد من أخطارها من دون تجاوز المعايير الإنسانية المتعارف عليها”. وتقاطعت آراء كل المتحدثين فيها، على “حق عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، لا سيما بعدما توافرت لهم مناطق آمنة في سوريا، ومواصلة الضغط على المجتمع الدولي لتقاسم أعباء النازحين مع البلدان المضيفة”.
رئيس الرابطة المارونية أنطوان إقليموس، رأى في حديث لصحيفة ”الشرق الأوسط”، أن اللبنانيين “لا يمكنهم أن يقفوا متفرجين على تفشي أزمة النزوح من دون السعي إلى إيجاد الحلول، أو أقله التخفيف من أضرارها”. وقال: “سنحاول أن نضيء شمعة في وسط هذه الظلمة، بما يراعي مصلحة بلدنا، والقيم الأخلاقية التي تربّى عليها اللبنانيون، وأي مقاربة خارج هذين المبدأين، قد تكون لها ارتباطات معينة”.
وأضاف إقليموس، وهو نقيب سابق للمحامين في لبنان، أن “الندوة التي تنظمها الرابطة المارونية، تتفهم الظروف الإنسانية والاجتماعية للنازحين السوريين، وهي تتعاطى معها بالمنطق الأخلاقي، إلا أن المصلحة اللبنانية لا تعلوها أي مصلحة أخرى”. ولفت إلى أن “الظروف باتت الآن تسمح بعودة غالبية النازحين إلى بلادهم”. وذكّر بأنه “خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سوريا، تدفق عشرات آلاف السوريين المقيمين في لبنان، إلى السفارة السورية للإدلاء بأصواتهم، وهذا دليل على أن الموالين للنظام بمقدورهم العودة إلى مناطق سيطرة النظام، والذين يناصرون المعارضة يمكنهم الذهاب إلى مناطق المعارضة، إلا إذا كانت الإقامة في لبنان باتت هي المحببة إليهم”.
وشدد رئيس الرابطة المارونية على أهمية التوصيات التي ستصدر عن الندوة يوم الثلاثاء المقبل، بحضور ومشاركة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، قائلا: “سنتابع هذا الموضوع مع مؤسسات الأمم المتحدة، وسنزود وفد لبنان إلى نيويورك (إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة) بهذه التوصيات، التي تعبّر عن رأي كل مكونات المجتمع اللبناني”.
الندوة سلطت الضوء على ما وصفته بـ”الانعكاسات السلبية التي خلفها ويخلفها النزوح السوري على اقتصاد لبنان واليد العاملة اللبنانية، التي تضاف إلى الانعكاسات الاجتماعية والأمنية”. وتحدث المنتدون على تأثيرات النزوح السلبية على القطاع السياحي. وسجّلوا أن “حظر سفر الرعايا الخليجيين إلى لبنان، أدى إلى تراجع الحركة السياحية والفندقية، وضاعف النكسات التي يعيشها القطاع السياحي منذ العام 2005”.
والى جانب الإضاءة على أضرار النزوح، وارتباطه بالأزمة السورية وتداعياتها المستمرة، وبقاء هذه الأزمة رهن التسوية السياسية، دعا المشاركون في الندوة الدولة اللبنانية، إلى “المبادرة السريعة لتنظيم العمالة السورية، وفرض ضرائب على العامل السوري، تفوق ما هو مطلوب من الأجير اللبناني، بحيث لا ينافسه سلبا أو يأخذ مكانه في أسواق العمل، ما يفيد خزينة الدولة بطبيعة الحال، ويحافظ على الأولوية العملية الواقعية للبناني في سوق العمل”.