كتبت غراسيا بيطار الرستم في صحيفة “السفير”:
تعد مسألة الميثاقية خطاً أحمر بالنسبة الى البطريركية المارونية.
تعتبر بكركي نفسها “عرّابة الميثاقية ولبنان الكبير والميثاق الوطني”. ويؤكد مسؤول الاعلام في بكركي واليد اليمنى للبطريرك بشارة الراعي، وليد غياض، ان “البطريركية لم تقصر يوما في الدفاع عن الميثاقية لا بل رفعت الصوت في أكثر من محطة في العظات وبيانات مجلس المطارنة واضعة الاصبع على الجرح وذاهبة حتى الى أبعد مما يصل اليه بعض الاطراف اليوم”.
لكن الميثاقية، في المفهوم البطريركي، تبدأ برئاسة الجمهورية وانتخاب رئيس وبالشراكة الفعلية وعدم الاستئثار بالحكم. ولا تجوز المقاربة بين “أداء السياسيين” والأداء المطلوب من الكنيسة في هذه المرحلة، حسب غياض.
من هنا، تنظر البطريركية الى مسألة تلويح “التيار الوطني الحر” باللجوء الى الشارع والتصعيد، من منطلق “التضامن والتفاهم بين المكونات الوطنية لحماية الصيغة الميثاقية. والأهم توحيد الشكوى بين المسيحيين عبر توحيد الصوت والصف والذهاب بالتالي الى أي مواجهة بشكل متضامن وموحد”. و “لا يمكن لبكركي الا ان تشجع لغة الحوار والتفاهم”.
وحول ما إذا كان لقاء للأقطاب قد يثمر حلا هذه المرة، يكشف غياض عن أن “بكركي المتألمة للخلل الحاصل تعمد الى لقاءات بالمفرّق مع كل الأقطاب المسيحيين بهدف توحيد الكلمة المسيحية وحل مشكلة الرئاسة التي تبقى هي أساس الميثاقية. والمطلوب من الشريك المسلم أيضا ان يقوم بدوره من أجل انتخاب رئيس وعدم رمي الكرة في الملعب الماروني فقط”، لافتاً النظر الى ان “احترام الميثاقية هي الضمانة لعدم تكرار المشهد المؤلم للمسيحيين من سوريا الى العراق في لبنان”.
الكنيسة تستشعر بمحاولات تهميش المسيحيين لا بل “تعيشها”. والرابية تضعها في جو كل الملفات لديها. وتقول أوساط أسقفية ان “الجميع يجب ان يدرك ان حرمان المكون المسيحي له انعاكاسات سلبية على سفينة البلد برمتها وليس فقط المسيحيين. والجو المسيحي العام يتحدث عن ان الاستهداف حاصل”.
لكن الكنيسة تتخوف من ان “التصعيد اذا لم يؤد الى أي تغيير فنكون عندها قد انتقلنا من السيئ الى الأسوأ”.
المسألة بالنسبة اليها وفق صورة “المرء مكبّل اليدين والرجلين والذي لم يعد أمامه الا الصراخ ولكن ماذا بعد الصراخ؟ إن التجاهل من الطرف الآخر ألعن من السلبية”.
أما الحل بالنسبة الى أحد زائري بكركي الدائمين فهو “بالعودة الى السلة لأن سياسة بدنا نكسّر رؤوس لا تجدي، لا سيما أن العماد ميشال عون لا يُكسر من دون ان يأخذ مطلبه أو شيئاً من مطالبه سواء قانون انتخاب او الرئاسة. أما ان لا يعطى أي شيء فهذا يعني أنه سيذهب بالمعركة الى الأخير”.
المفارقة هنا تكمن في ان “التعاون والتشاور” المسيحيين و”وحدة الصف” المطلوبة من المكونات المسيحية ليست مضمونة النتائج في حال تحققت. فالمصالحة بين “التيار” و”القوات اللبنانية” لطالما كانت مطلوبة وبإلحاح، وعندما تحققت ارتفعت ضدها أصوات الاعتراض والرفض أكثر من الأصوات المباركة. لتشعر فئة كبيرة من المسيحيين أن المطلوب منهم الصراخ ولكن بصمت خشية عدم التشويش على مسار القطار الذي قرر على ما يبدو المضي من دونهم.