كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
تكشف مصادر ديبلوماسية أن الدعم الدولي للحكومة سيُعاد التشديد عليه من خلال الاتصالات الدولية مع لبنان، واللقاءات الديبلوماسية التي تحصل. وهذا الدعم لطالما كان موجوداً، وسببه درء مخاطر أي انهيار للمؤسسات ولانعكاساته السلبية إن حصل، على الاستقرار الأمني والاقتصادي ومنعاً لانفلات الأوضاع وتدهورها على الصعد كافة.
وتشير هذه المصادر إلى أن دولاً عدة لا تزال ثابتة في دعوتها إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، لما له من تأثير على استقرار الوضع اللبناني. وأوضحت أن هناك دعماً من كل من واشنطن وموسكو للمؤسسات الأمنية منعاً لتأثير الوضع في المنطقة، وفي سوريا تحديداً على الوضع اللبناني.
وتؤكد المصادر أن موسكو أثارت مجدداً، قبل نحو ثلاثة أسابيع، موضوع الانتخابات الرئاسية في لبنان وضرورة تسهيلها مع طهران، من خلال الزيارة الأخيرة لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى طهران، ولقائه وزير الخارجية محمد جواد ظريف. وعلى الرغم من أن الطرفين حليفان في سوريا إلى حد كبير، فإن المعلومات الروسية بعد هذه الزيارة، تُفيد بأن موسكو تأكدت أن موقف إيران لم يتغير من الملف الرئاسي في لبنان. إذ إنها لا تزال تدعو إلى التوافق اللبناني على الملف، ولا سيما التوافق المسيحي على اسم الرئيس، ما أدى بالروس إلى الاستنتاج أن إيران لم تغيّر موقفها من تسهيل حصول الانتخاب وهي ليست مستعدة للتدخّل مع حليفها “حزب الله” لتعديل موقفه.
في هذا الوقت، تركز واشنطن على الاستقرار في لبنان، وهي تدرك أن الأطراف الخارجية الأكثر تأثيراً في الموضوع لا سيما طهران، لن تبادر إلى تغيير موقفها، وفقاً لمصادر ديبلوماسية أخرى. وتتوقع هذه المصادر اهتماماً أميركياً بعد تسلم الإدارة الجديدة الحكم ووضع خطتها حول المنطقة. إنما المهم أن لا تتردى ظروف لبنان والمنطقة بشكل كبير من الآن وحتى ذلك التاريخ.
وفي بيروت، تتساءل مصادر وزارية عن معنى العودة إلى التفاوض إذا كان يتم التعاطي كل شهر أو شهرين مع مسألة التصعيد والذهنية التعطيلية. إن عدم الاجتماع ومقاطعة مجلس الوزراء يُعد من الخيانة العظمى تجاه الناس والمؤسسات وتجاه البلد. فهل بالقوة يتم التوجه نحو مؤتمر تأسيسي جديد؟. إن الأمر لا يحصل بالقوة، وأي قوة، ستفرض قوة أخرى مقابلها، وما يحصل هو تخلٍ عن المسؤولية، والمسائل لا تُحل بهذه الطريقة. الحكومة وجدت لتوفير استمرارية لمصالح المواطنين، وليس لتحل مسائل النووي، أو لاكتشاف ما إذا كان الرئيس السوري سيبقى في الحكم أو سيغادره، ولا لتواكب تطورات الموقف في العراق، أو في تركيا. كما وحدت لتعبئ فراغاً خلفه شغور رئاسة الجمهورية ومن أجل تسيير مصالح الناس. هل يدرك الجميع أن هناك 12 ألف و873 موظفاً طردوا من وظيفتهم منذ بداية سنة 2016 حتى الآن، من جراء الحالة الاقتصادية الصعبة في البلاد؟
كذلك، تشير المصادر، إلى أن إسقاط الحكومات، إن كان هذا الهدف، لا يتم بهذه الطريقة. فالتوصل إلى ذلك يحصل إما عبر الثلث المعطل، وعندها تصبح حكومة تصريف أعمال، وإما أن يقدم رئيسها تمام سلام استقالته. وهذه الاستقالة يجب أن تقدم إلى رئيس الجمهورية، وهو حالياً غير موجود ومنصبه شاغر منذ أكثر من سنتين. فلمَن يقدم الاستقالة؟ بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سقطت حكومة الرئيس عمر كرامي، لكن ذلك تم بعد حدث كبير وخطير. إنما حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لم تسقط على الرغم من نصب الخيم حول السرايا لمدة سنة ونصف السنة. وفي لبنان هناك طرق أخرى لإسقاط الحكومات.
إن الضغوط الحاصلة ليست موجّهة ضدّ الحكومة ورئيسها نتيجة قرارات محتملة فحسب، إنما أيضاً موجّهة إلى تيّار “المستقبل” ورئيسه من أجل التخلّي عن ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة والسير بالنائب ميشال عون. ولكن ليس بهذه الطريقة تُصاغ السياسات.
وتلفت المصادر إلى أن “حزب الله” لا يريد القوة، لأنه يدرك أنها ستستنهض شارعاً آخر. وكل ما يحصل لا يؤشر إلى وجود مسؤولية وطنية في التعاطي السياسي. في كل الأحوال الجميع ينتظر التشاور الذي يقوم به الحزب مع حلفائه، والنتائج التي ستتوصل إليها المفاوضات. لكن الحزب غير مرتاح لتطور الأمور، وهو لا يتحمّل انفجار الوضع السياسي في البلد، ولا يريد للحكومة أن تسقط، ولا أن يسقط الاستقرار، خصوصاً أن لديه مشكلاته ومشاغله في سوريا. وأوضحت المصادر أن الميثاقية هي في العيش المشترك المسيحي المسلم في الوطن.