كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: تشكّل عطلة عيد الأضحى في لبنان ما يشبه “استراحة المحارب”، وسط سباقٍ ارتسم بين مساعي احتواء الأزمة المستجدّة التي عُلقت معها طاولة الحوار الوطني ووُضعت الحكومة امام خطر “التحلّل”، وبين سعي “التيار الوطني الحرّ” (بقيادة العماد ميشال عون) الى زيادة وتيرة الضغط السياسي من خلال اندفاعته التي تحمل لواء “الدفاع عن الميثاقية” والتي تشكّل فعلياً “الاسم المستعار” للجولة الأخيرة من المعركة الرئاسية التي يخوضها عون على قاعدة “يا قاتل يا مقتول”.
وبرز هذا السباق بوضوح من خلال تَحرُّكٍ داخلي وخارجي في اتجاه محاولة تجنُّب دفْع البلاد الى “عنق الزجاجة” في لحظة انعدام أي أفقٍ اقليمي يسمح بإحداث خرق في الانتخابات الرئاسية، وتالياً الإبقاء على “شبكة الأمان” الأخيرة التي تشكّلها الحكومة، وسط معلومات لـ “الراي” عن ان العماد عون يعتبر انه يخوض معركته الرئاسية وفق منطق It’s now or never وانه يسعى من خلال تصعيده الى ضرب “الخاصرة الرخوة” في الواقع اللبناني اي الحكومة في سياق توجيه “جرس إنذار” الى المجتمع الدولي لإخراجه من حال “الاسترخاء” حيال الوضع اللبناني والتي يوفّرها الاطمئنان الى وجود الحكومة من دون الالتفات الى الملف الرئاسي وتعقيداته الخارجية والمحلية.
وكان بارزاً عشية مغادرة رئيس الحكومة تمام سلام لبنان في إجازة خاصة ليعود بعدها إلى بيروت ويتوجّه إلى نيويورك لترؤس وفد لبنان إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، انه استقبل سفراء كل من الولايات المتحدة اليزابيت ريتشارد وبريطانيا هوغو شورتر (الأخيران التقيا سلام معاً) وفرنسا ايمانويل بون الذين حملوا موقفاً حاسماً بدعم الحكومة اللبنانية ورئيسها وضرورة عدم تعريضها للاهتزاز ولا الانهيار باعتبارها “صمام الأمان” الدستوري في ظل الفراغ الرئاسي المتمادي وشلل البرلمان.
وفي المقلب الداخلي، استوقف الدوائر المراقبة الدخول العلني لـ “حزب الله” على خط محاولة احتواء الأزمة الحكومية.
وفي هذا السياق كان اللقاء الذي جمع وزير الداخلية نهاد المشنوق ونائب “حزب الله” علي فياض الذي أكد “كنا متفقين على أهمية التعامل مع الازمة الحكومية القائمة بمنطق الاحتواء والمعالجة وليس بمنطق المواجهة والتصعيد”، موضحاً ان “حزب الله يستغلّ كل لحظة في هذه الايام بهدف الوصول الى حل لمشكلة الحكومة التي نريدها فاعلة ومتوازنة”.
على ان مصادر مطّلعة في فريق “8 آذار” أبلغت الى “الراي” انه رغم الحِراك الداخلي الذي يضطلع به “حزب الله” في الملف الحكومي، إلا ان “أولوياته مختلفة وهي استراتيجية بالدرجة الأولي، وعيْن الحزب على حلب”، لافتة في سياق آخر الى ان التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي “محسوم وهو خارج النقاش”، مشيرة الى انه “بالنسبة الى (حزب الله) فإن موضوع طاولة الحوار (عُلقت حتى إشعار آخر بفعل تعليق “التيار الحر” مشاركته فيها) يعنيه في شكل أساسي”.
وفيما رأت دوائر قريبة من “14 آذار” ان تعويل “حزب الله” على طاولة الحوار التي كان يستضيفها رئيس البرلمان نبيه بري ووجوب إحيائها ينتقل من دور هذه الطاولة في جعْل الحزب يُمسك بمفاصل الأزمة اللبنانية “ربْطاً وحلاً”، توقّفت عند إطفاء بري محرّكاته وإعلانه أخيراً “من الآن وصاعداً ليفتّشوا عني”، لافتة الى مغازي ما نُقل عن رئيس البرلمان من انه لن يكون طرفاً في ما وصفه المواجهة الجارية بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” بعدما كان أكد انه “إذا كان التيار الحرّ يريد التصعيد فليصعّد” وانه صحيح انه يدعم الرئيس سعد الحريري لكنه يرى أن الحكومة من مسؤوليته “ولن نقود حرباً نيابةً عنه، هذه معركة تيار المستقبل، وعليه هو أن يتحمّل المسؤولية”.
وفي رأي هذه الدوائر ان خطوة بري تعكس رغبة “حزب الله” في تبريد العلاقة بين رئيس البرلمان و”التيار الحر” من جهة، كما في جعل “المستقبل” يتلقى مباشرة “سهام” الهجوم العوني التصاعُدي والذي يرتفع فيه منسوب الكلام الطائفي، من دون ان يتّضح اذا كان ذلك إشارة الى ان بري يمكن ان يمتنع عن توفير نصاب جلسات لاحقة للحكومة او الى منحى لرفْع منسوب الضغط على الحريري في الملف الرئاسي.