Site icon IMLebanon

بري ينتقل لصفوف المعركة الخلفية.. وصعوبات للجم التصعيد العوني!

 

 

دخل لبنان «فترة سماح» تستمرّ حتى نهاية سبتمبر الجاري، على ان يشكّل الاسبوعان الطالعان بمثابة «وقتٍ مستقطعٍ» في مسارِ الجولة الجديدة من الأزمة السياسية المتفاقمة والتي شهدت للمرة الأولى منذ بدء الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية (25 ايار2014) اصطفاف الرئاسة الأولى والحكومة والبرلمان وطاولة الحوار الوطني على خط واحد من ضمن «سبحةِ» تعطيلٍ باتت تنذر بجعل البلاد «تسبح» في مسارٍ انحداري بالغ الخطورة مدفوعاً بالعناصر الداخلية المكوِّنة للمأزق والتي هي جزء لا يتجزأ من العوامل الخارجية التي يختصرها صراع النفوذ في المنطقة.

وستكون الفترة الفاصلة عن نهاية الشهر فسحة على خطيْن متوازييْن: الاول لفريق العماد ميشال عون الذي سيعمد تياره (الوطني الحرّ) الى رفْع مستوى التعبئة السياسية والشعبية تحت عناوين مثل «الدفاع عن الميثاقية» وقواعد الشراكة الوطنية الحقيقية والتي تفيّأها ليدفع في اتجاه تعليق الحوار الوطني، الذي كان يُعقد بضيافة رئيس البرلمان نبيه بري، حتى إشعار آخر، وأيضاً وضْع حكومة الرئيس تمام سلام امام اختبار هو الأصعب منذ تشكيلها من خلال جعلها بين «مطرقة» ان تنعقد في غياب «التيار الحر» مع ما لذلك من تداعيات قد تكبر كـ «كرة الثلج» وبين «سندان» ان يسلّم رئيسها تمام سلام بمنطق ما يعتبره خصوم عون ابتزازاً يمارسة بـ«حبليْ» الحكومة والحوار علّهما يوصلانه الى القصر الجمهوري.

والخطّ الثاني هو الاتصالات الداخلية التي يتولّاها في شكل رئيسي «حزب الله» في محاولةٍ لتوفير ظروف لمعاودة وضع الحكومة على سكة العمل الفاعل بما يتيح استئناف جلسات الحوار الوطني الذي يشكل أولوية رئيسية للحزب في لبنان.

ولاحظت دوائر مراقبة ان مساعي «حزب الله» ترافقت مع من يشبه «إعادة الانتشار» التي قام بها بري في ما خص «المواجهة» التي ظهر انه يشكل «رأس حربتها» لجهة التصدي لمحاولة العماد عون (مرشح «حزب الله» للرئاسة) شلّ الحكومة، وهو ما أملى إعلان بري انتقاله الى «الصفوف الخلفية» في هذه المعركة وتحييد نفسه عن «مرمى النيران» التي يوجّهها عون الى «تيار المستقبل» بقيادة الرئيس سعد الحريري وصولاً الى دعوته الأخير ليتصدّر بنفسه الهجوم الدفاعي بوجه اندفاعة «التيار الحر» على هذه «الجبهة».

على ان أوساطاً سياسية رأت في هذا السياق ان ثمة صعوباتٍ حقيقية امام «حزب الله» او أي وسيطٍ داخلي في لجْم المسار التصاعُدي في التصعيد العوني، الذي كان له محطة بارزة امس، مع مهرجان «التيار الحر» في بلدة غزير الكسروانية حيث كانت كلمة عالية النبرة لرئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، في ظلّ إشارات من التيار الى ان المعركة باتت أبعد من الحكومة ومن التعيينات العسكرية التي تتجه نحو تمديد جديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي قبل نهاية الشهر، بل هي الفرصة الأخيرة التي يراها عون لوصوله الى الرئاسة والتي على أساسها اختار «فتح النار» على كل الجبهات علّه يصل تحت غطائها الى «القصر المهجور» على عكس بعض الذين يعتقدون ان حركته الأخيرة ناجمة عن اعتقاده بأن حظوظه انتهت فـ «هذه العبارة غير موجودة في قاموس الجنرال ولا في ذهنيته».

وفي رأي هذه الأوساط ان عون لن يقدّم اي إشارات مرونة قبل 13 تشرين الاول موعد الذكرى 26 لإطاحته عسكرياً من قصر بعبدا (كان دخله رئيساً لحكومة عسكرية انتقالية العام 1988) والتي يُنتظر ان يكشف فيها امام جماهير يرجّح ان تقف على مشارف القصر عن خطوته التالية بعد ان تكون اتضحت امور عدة ولا سيما في ضوء العودة المرتقبة للرئيس الحريري الى بيروت.

ومن هنا، وفيما العالم منهمك بالاتفاق الاميركي – الروسي حول الهدنة في سورية واذا كان يمهّد لحلّ سياسي ام انه سيكون مجرّد «استراحة محارب»، يبدو الواقع اللبناني ينتقل من تعقيد الى تعقيد، وهو ما شكّل ما يشبه «جرس الإنذار» للمجتمع الدولي الذي رفع من وتيرة تحرّكه على خط تأكيد أهمية المحافظة على الحكومة، كآخر «الدفاعات» امام سقوط لبنان في الفراغ القاتل في لحظة اقليمية حبلى بالتحولات، وسط معلومات عن ان رئيس الحكومة الذي ينتقل الى نيويورك الخميس سيلتقي قبل ذلك سفراء الدول الخمس الكبرى ومنسّقة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ الذين سينقلون حرص بلادهم على الاستقرار السياسي الذي تشكّل الحكومة حجر الزاوية فيه. علماً ان تقارير رجّحت ألا يصار الى الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء قبل 29 الجاري.