كتب غسان ريفي في “السفير”:
فتح طلب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من الحكومة اتخاذ قرار بحل “الحزب العربي الديموقراطي” و “حركة التوحيد الاسلامي” (مجلس القيادة ـ فرع هاشم منقارة) على خلفية القرار الاتهامي في جريمة تفجير مسجديّ التقوى والسلام، الباب واسعا أمام سلسلة من النقاشات والاجتهادات بشأن مضمون الطلب، وتوقيته، وتداعياته، والغاية منه.
لا يختلف إثنان على أن طلب المشنوق شعبي بامتياز، خصوصا في الشارع الطرابلسي، انطلاقا من العداء التاريخي لأكثرية أبناء المدينة مع “الحزب العربي الديموقراطي” خصوصا ربطا بـ “الحقبة السورية” في عاصمة الشمال، لكنه، في الوقت نفسه، بدأ ينذر بتوترات جديدة يغذيها التسابق المفضوح بين أكثرية القيادات السياسية على الشحن السياسي والتحريض المذهبي.
لذلك يسجل متابعون للقرار الاتهامي ولطلب المشنوق حل الحزبين سلسلة ملاحظات أبرزها:
أولا: إن المشنوق استبق الحكم النهائي المبرم المفترض صدوره عن المجلس العدلي الذي من المفترض أن يبدأ محاكماته في القضية قريبا قريبا، وأصدر حكمه على “العربي الديموقراطي” و “التوحيد” وطلب حلهما، راميا الكرة في ملعب رئيس الحكومة تمام سلام الذي سيجد نفسه أمام أزمة جديدة من أزمات الحكومة التي لا تنتهي، لا سيما لجهة وضع طلب وزارة الداخلية على جدول أعمال مجلس الوزراء.
ثانيا: استمرار السباق السياسي في هذه القضية بين المشنوق ووزير العدل المستقيل اشرف ريفي الذي تُرجم بحرب صور انتشرت في طرابلس للوزيرين خلال عيد الأضحى، تضمنت كلمة “شكرا” لكل منهما، فضلا عن “حرب تعليقات” على مواقع التواصل الاجتماعي بين أنصار الطرفين في محاولة من كل جهة لنسب هذا “الانجاز” اليها وحدها.
ثالثا: دخول الرئيس سعد الحريري الى جانب المشنوق في هذا السباق من خلال الاتصال به وتهنئته على طلبه، بعد اتصال الوزير ريفي بالمشنوق وتهنئته أيضا، وتأكيد الحريري لأبناء طرابلس أنه سيتابع هذه القضية وصولا الى معاقبة كل المتورطين والقبض على كل الفارين.
رابعا: عودة الحديث عن احتمال توترات أمنية في طرابلس، وتقديم خدمة مجانية الى عائلة عيد من خلال إعادة إحياء منظومتها في جبل محسن، بعد أن بدأت تفقد سيطرتها بشكل تدريجي عليه منذ فرار رفعت عيد الى سوريا قبل نحو سنتين.
خامسا: اعتماد المشنوق التوازن المذهبي في طلبه، باشراك “حركة التوحيد الاسلامي ـ فرع هاشم منقارة” به، لكي لا يفسر طلبه على أنه استهداف لطائفة أو لمذهب معين، علما أنه لم يصدر أي موقف من منقارة حيال طلب المشنوق، وكان هاتفه خارج الخدمة طوال الوقت.
سادسا، جل ما يطلبه أهالي الشهداء والجرحى هو انطلاق قطار العدالة ووصوله الى بر الأمان، وإنزال القصاص العادل بمن استهدف بيتين من بيوت الله، خصوصا أنهم لطالما وجهوا انتقادات للسلطة السياسية وللقضاء على التأخير الذي شهدته هذه القضية على مدى ثلاث سنوات كاملة، محذرين من أن يكون الاهتمام المستجد لبعض القوى السياسية “هو من باب استثمار دماء أبنائنا لتحقيق مكاسب سياسية، أو استخدامها في تفجير الوضع مجددا في طرابلس”.
في المقابل، يقول رئيس المجلس الاسلامي العلوي في لبنان الشيخ أسد عاصي لـ “السفير” إن وزير الداخلية رجل عاقل ومتعقل، ولكن كنا نتمنى منه عدم التسرع وانتظار صدور الحكم النهائي في هذه القضية، وهو يعلم أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، علما أن القرار الاتهامي لم يدن “الحزب العربي الديموقراطي” ولم يأت على ذكره”.
ويكشف القيادي في “الحزب العربي الديموقراطي” علي فضة لـ “السفير” أن الحزب يشهد ورشة تنظيمية سياسية متكاملة تشمل انتخاب مكتب سياسي جديد وإصدار وثيقة سياسية جديدة.
ويعتبر فضة أن طلب المشنوق “هدفه الاستثمار والمزايدة ضمن الفريق السياسي الواحد، فالقرار الاتهامي لم يأت على ذكر الحزب في جريمة المسجدين لا تلميحا ولا تصريحا، والشيخ سالم الرافعي أكد في أكثر من تصريح أن الأمنيين أبلغوه بأن الحزب لا علاقة له، ونحن لا نريد الدخول في سجالات لأنه يبدو أن هناك من يريد التوتير، ومن يريد جرنا لكي نكون أداة لهذا التوتير، لكننا في الوقت نفسه نحمل وزير الداخلية وكل من يتهمنا زورا مسؤولية رفع الغطاء الأمني عنا وتعريضنا لاعتداءات قد لا تحمد عقباها إذا ما حصلت”.