تقرير رولان خاطر
لم يشأ أن يرحل إلى “قصور السماء” إلا في ذكرى استشهاد رفيقه بشير الجميل. ترك “أبو روي” أو فوزي محفوظ حكاياته وبطولاته على الأرض ليلاقي رفاقه في المقاومة المسيحية الذي سبقوه إلى عروش المجد والحياة الأبدية.
“أبو روي” الذي عرف بصدقه وأمانته ووفائه والتزامه بالقضية، رافق الشيخ بشير الجميل منذ قبل تأسيس “القوات اللبنانية”، حيث كان يبدي بشير ارتياحاً عند وجوده بقربه، و”حتى عندما لا يجده كان يسأل الشباب “وين فوزي”؟. كان محط ثقة لديه، فكلفه بأكثر من مهمة عندما كان يريد تصويب مسار مهمة ما أو قضية حساسة أو الوقوف على الحقيقة كاملة. (1).
هو مناضل شرس، على ما يقول عنه رفيقه عُباد زوين، أمين عام “التنظيم” حالياً، لـIMLebanon. يملك حساً انسانياً كبيراً، عاطفة قوية، والتزاماً وطنياً حتى أقصى الحدود. حياته كانت فعل عطاء وتضحية مستمرة. ملتزم بالقضية، ومن رواد المقاومة التي بدأها منذ العام 1958.
في 14 ايلول 2016، كان موعد “أبو روي” مع السماء ومع بشير.
“أبو روي” كتائبي النشأة، لكنه ترك صفوف الكتائب عام 1967 على أثر خلافات، وبدأ مع أربعة من رفاقه، هم عزيز طربيه وعُباد زوين وسمير ناصيف وجورج حصري بإنشاء حركة عُرفت بـ”التنظيم”، التي كانت تعنى بتنظيم الأحياء المسيحية في المناطق. وبحسب زوين، كان أكثر من ضحى في “التنظيم” ولم يوفر جهدا لا ماديا ولا جسدياً.
“ابو روي” كان دائما مقداماً وجريئاً في الحالات الصعبة، إذ في إحدى المرات من العام 1969، كما يروي زوين، وعلى أثر إشكال وقع بين الجيش اللبناني والفلسطينيين دخل إلي فوزي، ليقول لي إننا سنقوم بعملية عسكرية على أحد مواقع الفلسطينيين في تل الزعتر. فقد كان يتميز بسرعة المبادرة، وكنا نسمّيه “بولدوزر من دون فرامات”.
بحسب المعلومات، كان “أبو روي” من المحرّضين على إسقاط مخيم تل الزعتر الذي بات يشكل في ذلك الوقت عبئاً كبيراً على القوى المسيحية. فاتصل ببشير وأخذ منه “بركته” لجهة مشاركة الكتائب في المعركة بعدما استحصل على بركة “الأحرار”، للقضاء على المخيّم.
بعد استشهاد وليم حاوي في معركة تل الزعتر، تولى بشير الجميل رئاسة مجلس الأمن الكتائبي. فما كان منه إلا ان اتصل بـ”أبو روي” طالباً منه المساعدة في “جبهة الأسواق” بعد حسم معركة تل الزعتر، فوافق. أما الأبرز، كان أن طلب بشير من “أبو روي” ان يبقى بجانبه في المجلس الحربي.
في ذلك الوقت، وباجتماعه مع بشير، اقترح فوزي محفوظ فكرة توحيد القوى المسيحية، وشدّ وحدة الصف المسيحي، قائلاً لبشير: “لو أتيت بكل القيادات التي تقاتل الى المجلس الحربي، فلا قيمة للاجتماعات إذا لم نوحد قواتنا جميعًا”. (2) فاقتنع بشير.
ويقول زوين: “كان لدى “أبو روي” الجرأة لأن يعارض بشير في قراراته اذا لم يكن يراها مناسبة، وبشير كان يثق به كثيرا”.
تترجم الاتفاق بين بشير و”أبو روي” باللقاء الشهير الذي عقد في “فندق برنتانيا”، بوجود بشير و”أبو روي” والدكتور فؤاد الشمالي وجورج عدوان وفؤاد روكز، وداني شمعون، و”أبو أرز”، حيث تم الاتفاق بين الجميع على إنشاء “القوات اللبنانية”، التي تنضوي تحت رايتها كل القوات المسيحية المقاتلة. وهكذا أصبح “أبو روي” الى جانب بشير في مجلس قيادة “القوات”، وبقي فيه منتدباً من قبل “التنظيم” إلى ما بعد اغتيال “الحلم”، ووقوع أول انتفاضة داخل “القوات”، فبعدها طلب من فوزي البقاء في المجلس بصفته الشخصية، كما يقول زوين.
آخر أيام حياته، كان يملك وأشقائه مشتلا للزهور. ولم يعد يقوى على القيام بأيّ عمل يتعلق بالشأن العام، بعدما بدأ يعاني من قصور وغسيل في الكلى.
يروي بعض المحللين أنّ “أبو روي” كان ممّن يعتقدون بأن مرحلة انتخاب بشير الجميل لم تكن المرحلة المناسبة التي من المفترض أن يصل فيها بشير إلى رئاسة الجمهورية، وهو صارحه بذلك، خوفاً على حياته. وإذا صحّ هذا الأمر، فالأكيد أن “أبو روي” كان محقاً، ربما لكان وفّر موت بشير على المسيحيين وعلى لبنان سقوط الحلم وعذاب لبنان.
إشارة إلى أنّ مراسم دفن “ابو روي” تتم في الحادية عشرة من قبل ظهر الجمعة ١٦ ايلول في مطرانية الروم الكاثوليك المتحف، على ان تقبل التعازي يوم الخميس ١٥ ايلول من 11:00 قبل الظهر ولغاية 6:00 مساء. والجمعة قبل الدفن من 10:00 صباحاً ولغاية 5:00 مساء. والسبت من 11:00 من قبل الظهر ولغاية 5:00 مساء في صالون المطرانية.
(1) – (2) “المسيرة” – 14 ايلول 2015 – مقابلة مع فوزي محفوظ في العدد الخاص بالرئيس الشيخ بشير الجميل.