كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:
ثمة أكثر من علامة استفهام تطرح بين بعض فاعليات طرابلس حول الحركة السياسية للرئيس فؤاد السنيورة ربطا بالمواقف التي يطلقها بين الحين والآخر، وكان آخرها تنصله من تصريحات عضو “كتلة المستقبل” النائب محمد كبارة خلال السجال الذي حصل بينه وبين “القوات اللبنانية” عبر نائبها فادي كرم، إثر انتقاد “أبو العبد” لرئيس “القوات” سمير جعجع واتهامه بالاستثمار في قضية المسجدين، ودفاع السنيورة دفاعا غير مباشر عن جعجع.
تصريح السنيورة استفز على حد سواء أنصار كبارة والوزير السابق فيصل كرامي الذي ردّ بعنف متهماً السنيورة بالدفاع عن قاتل رئيس حكومة لبنان، فيما عمّ الغضب أنصار كبارة الذين لم يجدوا أي مبرر لتبرؤ رئيس “كتلة المستقبل النيابية” من “أبو العبد” بهذه الخفة.
وقد انعكس هذا الغضب هجوما على السنيورة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى عدد كبير من أنصار كبارة، أنه كان الأحرى برئيس الكتلة الزرقاء أن يدافع عن نائب في كتلته يتعرض لأبشع أنواع الهجوم من نائب “القوات” بدلا من التخلي عنه والتنصل من تصريحاته، ويبدو (بحسب هؤلاء) أن السنيورة لم يعد يرى سوى مصالحه ومكاسبه الشخصية التي تتقدم على كثير من الأولويات السياسية لديه.
ويذكّر هؤلاء السنيورة بأن كبارة ومعه أكثرية أبناء طرابلس شكلوا رأس حربة لبنانية في الدفاع عن “حكومته البتراء” خلال الحصار الذي فرض على السرايا الحكومية، وأن “أبو العبد” كان ولا يزال المدافع الأشرس عن “تيار المستقبل” وخياراته السياسية، وقد تعرض الى شتى أنواع الاتهامات والضغوط والهجوم على مدار السنوات الماضية من الخصوم السياسيين ولم يبدل من مواقفه.
ويرى أنصار كبارة أن سلوك السنيورة يُمعن في إضعاف “تيار المستقبل”، خصوصا أن بعض الصقور في كتلته النيابية باتوا يشعرون أن لا غطاء سياسيا لهم، في ظل إحجامه عن تبني مواقفهم والدفاع عنهم، ومسارعته الى التبرؤ منهم في كل مرة، لافتين الانتباه الى أن استمرار هذا السلوك سيؤدي الى تفريغ الكتلة الزرقاء من بعض نوابها، داعين الرئيس سعد الحريري الى التدخل سريعا لوضع حد للارتجال السياسي الحاصل.
ويسأل هؤلاء: ماذا لو قرر كبارة الخروج من “كتلة المستقبل” النيابية على إثر تبرؤ السنيورة منه؟ وهل يحتمل “تيار المستقبل” خسارة جديدة في طرابلس؟ وأين الحريري من كل ما يحصل؟
وما لم يكن يخطر على البال، هو عتب أنصار “تيار المستقبل” على السنيورة بسبب صمته المريب حيال التصريح الأخير لوزير العدل المستقيل أشرف ريفي الذي شن فيه أعنف هجوم على الرئيس سعد الحريري، مؤكدا “أنه انتهى سياسيا”، وكاشفا في الوقت نفسه “أنه على تواصل دائم مع الرئيس فؤاد السنيورة”.
ويؤكد “المستقبليون” أن هذا التصريح يستوجب توضيحات من السنيورة حول العلاقة التي تربطه بريفي، وأن استمراره في صمته وفي عدم الرد، يطرح علامات استفهام كثيرة يجب أن يتنبه الحريري لها ولتداعياتها وانعكاساتها المستقبلية على تياره، بما في ذلك محاولة البعض تكريس الانقسامات داخله.
ويرى مراقبون أن العلاقة المتوترة بين السنيورة ومعظم مكونات طرابلس، ستجعل رئيس “كتلة المستقبل النيابية” عاجلا أم آجلا، في مواجهة التحالف السياسي الذي خاض الانتخابات البلدية الأخيرة، بمن فيه بعض أركان “تيار المستقبل”.