لا تزال قنوات التواصل والوساطات مفتوحة، ولكن من دون ان تتمكّن حتى الآن من تبريد الأجواء، خاصة وأنّها ما زالت تصطدم بتصلّبِ «التيار»، وإصراره على خوض المعركة الى الآخر، بحسب ما أكّدت أوساط الرابية لـ«الجمهورية».
ورسَمت مصادر مواكبة لحركة الاتّصالات صورةً تشاؤمية بقولِها لـ«الجمهورية»: «إنّ أبواب التسويات مقفَلة، وخطوط التواصل خجولة، ويبدو أنّ الامور تتّجه الى تصعيد كبير، خاصة وأنّ القوى السياسية على اختلافها قد تبلّغَت إمّا بصورة مباشرة أو عبر قنوات خاصة، بأنّ التيار الوطني قد اتّخَذ قراره من الآن وحتى 13 تشرين الاوّل، فإمّا الذهاب الى تسوية تتخطّى الميثاقية بانتخابه رئيساً للجمهورية، وإمّا الى الشارع دُر وإلى زمنٍ مفتوح، في انتظار تسوية ما لاحقاً». وتشير المصادر الى أنّها تملك معطيات تجعلها لا تستبعد مشاركة «القوات اللبنانية» في تحرّك عون ما دام الهدف هو الضغط لانتخاب الرئيس.
ولعلّ المحطة الأساس في نظر «التيار الوطني الحر» تبقى في الجلسة النيابية لانتخاب رئيس الجمهورية المحدّدة في 28 أيلول، والتي تعتبرها الرابية جلسة مفصلية. وبحسب معلومات موثوقة، فإنّ الرابية ما زالت تقارب موعدَ 28 أيلول بشيء من الأمل في إمكان فتحِ بابِ القصر الجمهوري أمام عون، وتردّ المصادر هذا الشعور بالأمل الى أنّ قنوات التواصل الرئاسي ما بين الرئيس سعد الحريري وعون ما زالت مفتوحة، ويتولّاها من جانب الحريري مدير مكتبِه نادر الحريري مع الوزير باسيل.
وبرغمِ التكتّم الشديد الذي تُحاط به هذه الاتصالات من قبَل الطرفين، إلّا أنّ ما رشحَ عنها لبعض الجهات السياسية عكسَ أنّ الحوار الرئاسي بين الحريري وعون لم يصل الى طريق مسدود، وجديدُه تمنٍ نَقَله الحريري الى الرابية في التواصل الأخير بينهما قبل فترة وجيزة ومفادُه: «نحن ما زلنا على موقفنا، وانتظروا عودةَ الرئيس الحريري إلى بيروت». مع الإشارة الى أنّ هذه العودة قد تتمّ قبل جلسة 28 أيلول.
واللافت للانتباه أنّ كلاماً أكثر وضوحاً وصراحة أبلغَه وزير بارز الى مسؤول كبير قبل أيام قليلة، وحَرفيتُه «كلّنا نازلون في 28 أيلول الى مجلس النواب، وتيار المستقبل في المقدّمة، لانتخاب عون رئيساً للجمهورية».
إلّا أنّ هذا الكلام لم يلقَ صدىً تأكيدياً لدى المستويات السياسية المعنية بالاستحقاق الرئاسي، فالرئيس نبيه بري، وكما يُنقل عنه، يتمنّى أن تتمّ الانتخابات الرئاسية إلّا أنّه لم يلمس حتى الآن، لا أموراً جوهرية ولا حتى شكلية تَجعله يعتقد بإمكان الذهاب الى جلسة انتخابية منتِجة، بل العكس من ذلك، الصورة لم تتبدّل، بل هي من سيّئ إلى أسوأ. وأمّا «حزب الله» فيُجاري حليفَه التيار، إلّا أنّه يعكس عدمَ ثقتِه بما يطرح من جانب الحريري، فضلاً عن انّه لا يرى تبدّلاً في الموقف السعودي الرافض وصولَ عون الى رئاسة الجمهورية، وبالتأكيد فإنّ الحزب يرى أنّ الحريري لا يستطيع ان يتجاوز رفضَ السعودية، أو أن يَسبح بعكس التيار السعودي.
وفيما عكسَ عضو تكتّل التغيير والإصلاح النائب حكمت ديب «الاستمرارَ في تعليق مشاركتنا في مجلس الوزراء حتى يعيَ الشركاء في الوطن أهمّية احترام الميثاقية ليس في مجلس الوزراء فقط إنّما في المجلس النيابي ورئاسة الجمهورية والتعيينات الإدارية أيضاً»، لم يَصدر عن تيار المستقبل أيّ موقف علني حول تبدّلٍ ما في موقفه الرئاسي، ما خلا التأكيد على التمسّك بالحكومة ورفض النَيل منها، لافتاً الانتباه الى أنّ تحرّكَ «التيار» لا أفقَ له، وإذا كان هدفه تطيير الحكومة فنحن ضد تطييرها».