أشارت صحيفة “السفير” إلى أن التعمق في قراءة المشهد السياسي، وخصوصا الرئاسي، لا يجب أن يقفز فوق عنصرين مركزيين، أولهما، حقيقة الموقف الأميركي من وصول العماد عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، خصوصا أن الزيارة التي كانت قامت بها السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد قبل فترة للرابية جاءت بناء على نصائح داخلية لبنانية، وتخللها ما يشبه “الامتحان السياسي” للعماد عون، وكانت النتيجة، وفق أوساط تتردد بشكل دائم على السفارة الأميركية، سلبية للغاية، سواء في ما يتصل بعدم وجود مرشح لدى “الجنرال” لقيادة الجيش، أو إزاء حقيقة موقفه من “حزب الله” وسلاحه وانخراطه في الحرب السورية، فضلا عن موقفه من النظام السوري والرئيس بشار الأسد، وهي الأجوبة نفسها، التي تجعل “حزب الله” وحلفاءه الإقليميين أكثر تمسكا بترشيحه لرئاسة الجمهورية!
ولا يجوز إغفال حقيقة المهمة التي قالت السفيرة ريتشارد أنها مكلفة بها، قبل أن تغادر واشنطن باتجاه بيروت، واختصرتها بعبارة تفكيك منظومة “حزب الله”، وقالت ردا على سؤال أمام الكونغرس أن لا خوف على اللبنانيين من تنظيمي “داعش” و”النصرة”. وعندما قيل لها ما هو التهديد الأول المحدق بلبنان؟ أجابت ريتشارد: ”نشاطات حزب الله في سوريا هي التي تخلق مخاطر أمنية جدّية للبنان”!
أما العنصر الثاني، فهو الموقف السعودي، فليس خافيا على أحد أن بين أبرز أسباب احتجاج السعوديين على سعد الحريري، عدم قدرته على لجم “حزب الله”، وبالتالي، تحويل لبنان بشكل أو بآخر إلى “منصة إيرانية” وساحة دعم رئيسية للنظام السوري، “فهل يختلف اثنان في القول أن مجرد وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، يعتبر بعد سنتين ونيف من الفراغ، بمثابة انتصار معنوي وسياسي كبير لـ“حزب الله” وأمينه العام، وكيف سيكون صدى هذا “الانتصار” عند المسيحيين تحديدا الذين أيقنوا بالملموس أن “حزب الله” عندما يضع يده بيد فريق لبناني آخر، يحترم خياراته ولا ينقلب على حلفائه، كما حصل في حالة “المستقبل” والرصيد المتآكل مع معراب والمختارة والصيفي وحتى بعض الحلفاء “المستقلين”!
للمرة الأولى منذ بدء الفراغ الرئاسي في ليل الخامس والعشرين من أيار 2014، يجد ميشال عون نفسه أمام معطيات جديدة، إلى حد جزم بعض الأوساط المقربة منه أن جلسة الثامن والعشرين من أيلول الحالي ستكون جلسة مفصلية.
بالنسبة للعونيين ومعظم الرأي العام اللبناني، ليست المرة الأولى التي ينام فيها عون مطمئن البال على “وسادة بعبدا”. لذلك، يتصرف الجميع مع هذا المعطى بحذر استثنائي. لننتظر الثامن والعشرين ومن بعده تلويح العونيين بـ “طوفان الشارع” بدءا من 29 أيلول… وصولا الى 13 تشرين الأول.