كتب رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:
يستمر “الاعتقال السياسي” لهنيبعل القذّافي منذ أحد عشر شهراً. نجل الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي لم يعد متّهماً بكتم معلومات عن مصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه، بل ادُّعي عليه بجرم التدخّل اللاحق بالخطف، رغم عدم وجود أي دليل يُثبت ذلك. يوم أمس، قدّم وكيل القذافي مذكرة دفوع شكلية، فهل يُخلى سبيله خلال الأسبوعين المقبلين؟
مِنَ الضبّاط الأربعة، إلى النائب السابق حسن يعقوب. ومن بهيج أبو حمزة، إلى هنيبعل القذّافي. في لبنان معتقلون سياسيون. وجهة نظرٍ لا بدّ أن تُطرح ما دام جميع هؤلاء، وإن اختلفت طبيعة التهم التي أُسندت إليهم، لا مسوّغ قانونياً حقيقياً يُعتدّ به لتوقيفهم أصلاً أو حتى للاستمرار في احتجازهم لولا الضغوط السياسية.
ورغم أنّ قضية القذّافي تختلف عن غيرها، ولها بُعدٌ آخر لارتباطها بقضية حسّاسة ووطنية، هي اختطاف السيد موسى الصدر ورفيقيه، إلا أنّ بقاء نجل الزعيم الليبي الراحل أحد عشر شهراً داخل السجن من دون تحصيل معلومات حقيقية واضحة منه عن قضية إخفاء الصدر، يطرح أكثر من تساؤل، ولا سيما أنّ المدعى عليه بخطف القذافي النائب السابق حسن يعقوب لا يزال قيد المحاكمة بعدما أُخلي سبيله بعد ستة أشهر على توقيفه. هكذا خرج الخاطف، فيما لا يزال المخطوف موقوفاً. يوم أمس، أرجأ المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة جلسة استجواب القذافي التي كانت مقررة إلى أمدٍ غير محدد، بعدما تقدم وكيل القذافي المحامي أكرم عازوري بمذكرة دفوع شكلية لإخلاء سبيل موكّله.
وبحسب المعلومات، لم تعد جلسة استجواب القذافي تقتصر على جرم كتم المعلومات فحسب، بل تعدتها إلى تهمة التدخل بالخطف اللاحق أيضاً، بعد الادعاء الجديد الذي تقدم به كل من زوجة الشيخ محمد يعقوب وعائلة الإمام موسى الصدر. وكيل القذافي يرى أن استمرار توقيفه يقع في خانة الاعتقال التعسفي. وإذ قال عازوري إنّ “الوحيد الذي له الحق بالادعاء هو النائب العام التمييزي، إلا أنه امتنع عن الادعاء”، اعتبر أنّ المحقق العدلي غير صالح لاستجواب موكله أو التحقيق حتى في الدعوى لعدة أسباب منها: “انتهاء التحقيق منذ ٨ سنوات ولكون تاريخ الفعل المنسوب إلى موكله سابق لعام ١٩٨١، وبالتالي ليس من اختصاص المحقق العدلي للنظر فيه ولا ولاية له للاستماع إلى القذافي”. هكذا يُعوّل عازوري على اقتناع المراجع القضائية بالدفوع الشكيلة التي قدّمها لإخلاء سبيل موكّله. وفي ضوء الدفوع الشكلية المقدمة، أمهل القاضي حمادة عائلتي الإمام الصدر والشيخ يعقوب فترة عشرة أيام للردّ على مذكرة الدفع الشكلي، ليُصار بعدها إلى إحالة الملف على النيابة العامة التمييزية لإبداء الرأي. وفيما ترددت معلومات عن احتمال إطلاق سراح القذّافي في الأيام المقبلة، ردّت مصادر قضائية على سؤال “الأخبار” بالقول إن “إخلاء سبيل القذافي متعذّر حالياً، إنما خلال أسبوعين على أبعد تقدير سيبت القضاء في إخلاء سبيله أو يقرر الاستمرار في توقيفه”.
وبالعودة إلى مجريات القضية، سبق أن أدلى القذافي بإفادات متناقضة في معرض استجوابه أمام المحقق العدلي بعد تحريره من الجهة التي اختطفته في سوريا. ففي المرة الأولى أكدّ القذافي أمام القاضي حمادة أنّ الإمام الصدر احتُجز في منطقة جنزور قبل أن تجري تصفيته بناءً على أوامر رئيس الوزراء الليبي والرجل الثاني للنظام عبد السلام جلّود. غير أنّ القذّافي عاد وناقض إفادته الأولى، ليقول إنّ الإمام الصدر نُقل إلى السجن السياسي حيث مكث لفترة طويلة. ولمّا سأله القاضي حمادة عن مصيره، ردّ القذافي بأنّه يملك معلومات لن يقولها إلا إذا أُطلق سراحه. وقد توجه القذافي في إحدى الجلسات إلى القاضي حمادة قائلاً: “أخرجني من هنا أُخبرك بمكان الصدر”. هذا الأمر دفع القاضي حمادة إلى تدوين تناقضات إفادته على المحضر. ليس هذا فحسب، فقد بات القذافي يُعدّ من ضمن أفراد المنظومة الأمنية، بعدما اكتُشف على الكمبيوتر المحمول الذي عُثر عليه بحوزته على صور موقوفين في السجن السياسي في ليبيا، ولمّا سُئل عنها ردّ بأنّه يتابع أوضاع السجناء السياسيين.