Site icon IMLebanon

لبنان محكوم بـ “اللعب في الوقت الضائع”

michel-aoun-saad-hariri

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: هل يمكن حلّ أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان العالقة في “عنق الزجاجة” منذ 25 ايار 2014 بمعزل عن اشتداد المواجهة في المنطقة بين ايران والمملكة العربية السعودية خصوصاً؟ وهل يمكن تَصوُّر ان “الصراع الشرس” الذي يعيشه لبنان منذ 2005 (تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري) هو بكل فصوله نتاج “حرب النفوذ” في المنطقة التي استعرت في مرحلة ما بعد إسقاط صدّام حسين، وفي الوقت نفسه الاقتناع بأنّ ايجاد مخرج للمأزق يمكن ان يكون “لبنانياً بحت” ومن خلف كل “خطوط الاشتباك” الكبير في المحيط والذي اعتُبر اغتيال الحريري في الأساس من أولى “إشاراته المبكّرة”؟

سؤالان كبيران طرحتهما دوائر مطلعة في بيروت عبر “الراي” رداً على “حزّورة”: هل يُنتخب زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون رئيساً في جلسة 28 الجاري ام لا! وهل سيبدّل زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري موقفه من دعم ترشيح زعيم “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية ليؤيّد “الجنرال” (عون) فيتمّ الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي المعلَّق، أم ان ما كُتب قد كُتب في موقف الحريري؟

والواقع ان هذه الدوائر ترى ان من غير الواقعي محاولات “تبسيط” الأزمة اللبنانية وقراءتها من زاوية ضيّقة اي محلية، مذكّرة بأن المنعطف الخطير الذي دخله لبنان ليس الا امتداداً لما يشهده منذ العام 2005 والذي يشكّل حلقة رئيسية في “صراع التوازنات” في المنطقة الذي كانت بدأت “عوارضه” عملياً بعد أحداث ايلول 2001 في الولايات المتحدة والذي حوّل الإقليم في الأعوام الخمسة الأخيرة “كتلة نارٍ” تتطاير شظاياها منذرةً بحرْق الخرائط وترسيم الحدود بالدم… والدمار.

ومن هنا تستغرب الدوائر نفسها كل كلام عن حلول من “حواضر البيت” تنهي الفراغ الرئاسي وتكون من خارج سياق ترتيبات او تفاهمات خارجيات وايضاً من خارج سياق إعادة نظر في تركيبة السلطة في لبنان، ولو تحت سقف معلن هو اتفاق الطائف ولكن وفق “ضوابط” يسعى اليها “حزب الله” وتكرّس مكتسباتٍ سبق ان لم يتوان عن استخدام “السلاح” لانتزاعها كما جرى ابان أزمة الانتخابات الرئاسية 2007 – 2008، الى جانب مكاسب أخرى يتطلّع اليها خصوصاً في السلطة التنفيذية تجعل الطائفة الشيعية “شريكاً” في القرار وليس فقط من بوابة “حق الفيتو”.

وتبعاً لذلك، ترى هذه الدوائر ان ما يجري حالياً في لبنان ليس إلا لعباً في “الوقت الضائع” الفاصل عن تبلور اتجاهات الريح في سورية والتي يصعب تبيانها قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وأيضاً قبل اتضاح مسار “التدافع الخشن” بين الرياض وطهران التي انبرت الى حملة شعواء على المملكة العربية السعودية بما يؤشر الى ان مرحلة المواجهة بين السعودية وايران تتجه الى فصول أكثر حدّة.

وفي رأي الدوائر عيْنها ان من التبسيط استسهال ان يقوم الحريري بـ “نقلة” في خياره الرئاسي من النائب فرنجية الى العماد عون، معتبرة انه اذا كان القرار الاتهامي في جريمة تفجير المسجديْن في طرابلس (اتهم ضابطين في المخابرات السورية) أصاب ترشيح فرنجية، الوثيق الصلة بالرئيس بشار الأسد، فان احتدام “الحرب الكلامية” بين السعودية وايران وصولاً الى وصف الرئيس الحريري نفسه المواقف الأخيرة لوزير الخارجية الايراني بأنها “وجهات نظر شيطانية” تعني شبه استحالة دعمه عون الذي هو مرشّح “حزب الله” وتالياً طهران الرسمي للرئاسة.

وفيما تذكّر بأن تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام الحالية لم يحصل إلا نتيجة “مهادنة” سعودية – ايرانية، تعتبر ان اندفاعة العماد عون الأخيرة بتعليقه جلسات الحوار الوطني ودفْعه نحو مواصلة تعليق جلسات الحكومة، يشكّل محاولةً محكومة بأن تصطدم بالجدار السميك من التعقيدات الخارجية.

وتلفت الى ان زعيم “التيار الحر” الذي كان حتى الامس القريب مرشح الاشتباك الاقليمي حوّل نفسه ايضاً مرشح الاشتباك الداخلي بسلوكه الأخير الذي رفع معه سقف خطابه تحت عنوان “الميثاقية”، وصولاً الى إعداد نفسه لتحركات على الأرض متدرّجة ومتدحرجة تبدأ في 28 وحتى 13 اكتوبر، من دون ان تشي هذه التحركات بإمكان تغيير المعادلة التي تتحّكم بها الاعتبارات الاستراتيجية لأطراف الصراع الخارجي ولا سيما ايران التي يمكن ان تسلّم بالإفراج عن رئاسية لبنان بحال “استسلم” بالكامل الفريق الآخر لشروط “حزب الله” وسلّمه… البلاد.

وفي رأي هذه الدوائر، ان الوضع اللبناني دخل بفعل حركة العماد عون مرحلة أكثر تعقيداً بلا شك، ولا سيما ان الرئيس سلام ومعه أطراف آخرون لن يسلّموا بمنطق تعطيل الحكومة لوقت طويل، وقد يعمدون اواخر سبتمبر وبعد إمرار وزير الدفاع قرار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الى عقد جلسة تضع زعيم “التيار الحر” امام محكّ القدرة على رفع منسوب التصعيد “المؤثّر” الذي تبقى دونه حسابات “حزب الله” الاستراتيجية اضافة الى “الخط الأحمر” المتجدد الذي رسمه المجتمع الدولي امام اي انهيار للحكومة التي سيشارك رئيسها في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي اجتماعين حول اللاجئين والمهاجرين.

وكان لافتاً في سياق متّصل ما تناقلته تقارير عن أن عدداً من الوزراء اتخذ إجراءات أمنية مشددة خشية أن تُستغل مرحلة التأزم الحالية، لإحداث خلل في الاستقرار القائم.