IMLebanon

كرٌّ وفرٌّ سياسي في لبنان بملاقاة الجلسة 45 لانتخاب الرئيس

 

baabda-parlement

 

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

وسط الغموض الذي يكتنف المشهد الداخلي في لبنان حيال التطورات المتعلقة بالمأزق السياسي والحكومي الناشئ عن المناخ التصعيدي الذي يتولاه «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون، ليس متوقَّعاً ان يحمل الاسبوع الطالع ملامح واضحة لبلْورة الاتجاهات التي من شأنها ان تحتوي هذا المأزق او تعمّقه.

ذلك ان جانباً من الاهتمامات الرسمية والسياسية سيتركز على نيويورك حيث يبدأ رئيس الحكومة تمام سلام لقاءاته الجانبية مع رؤساء وفود ومسؤولين دوليين على هامش ترؤسه وفد لبنان الى افتتاح الدورة العادية للأمم المتحدة والمشاركة ايضاً في مؤتمريْن دولييْن حول قضايا اللاجئين يتسمان بأهمية بارزة نظراً الى مسألة اللاجئين السوريين في لبنان. وعلى رغم ضآلة الآمال المعلقة على الاتجاهات الدولية في هذه الحقبة والتي لا يبدو لبنان أولوية من بينها، فان اجتماعات رئيس الحكومة مع بعض المسؤولين مثل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي سيلتقيه سلام غداً وربما الرئيس الايراني حسن روحاني ايضاً تكتسب دلالات لجهة المفاتحة بالأزمة الرئاسية اللبنانية.

وترصد الاوساط السياسية المواكِبة لسلام مضمون المواقف الرسمية التي سيعلنها رئيس الحكومة خلال هذه الزيارة التي يشاركه فيها وزير الخارجية جبران باسيل في نشاطات متفرّقة في وقت يمضي «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه باسيل (وهو صهر عون) في حملاته التصاعدية داخلياً ومقاطعته لجلسات مجلس الوزراء. وعُلم في هذا الإطار انه ستكون لسلام 6 كلمات رسمية علنية في مجمل محطات مشاركته في المؤتمريْن حول اللاجئين وافتتاح الدورة العادية للأمم المتحدة عبر كلمة لبنان الرسمية وفعاليات أخرى خلال الزيارة.

أما بالعودة الى الواقع الداخلي، فان الانتظار يسود المشهد السياسي في انتظار عودة سلام الى بيروت في الرابع والعشرين من سبتمبر حيث يتوقع استنئناف المساعي من اجل معالجة مأزق مقاطعة «التيار الحر» لجلسات الحكومة، علماً ان الأيام الأخيرة همّشت هذا الجانب مع تَصاعُد موجة التسريبات والشائعات حول آفاق الجلسة الـ 45 لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية في 28 الجاري. وقد أسفرت هذه الموجة على ما يبدو عن نتائج أقلّ ما يقال فيها إنها جاءت لتثبت ازدياد تعقيدات الأزمة الرئاسية وقطع الطريق على الرهانات التي وقفت وراء التسريبات والتي صوّرت الجلسة المقبلة كأنها جلسة الحسم لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

ذلك ان كل ما أثير عن لقاء مزعوم بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وباسيل في باريس ثبت انه كان غير صحيح كما ثبت سابقاً عدم صحة ما تسرّب عن إبلاغ مدير مكتب الحريري نادر الحريري العماد عون موقفاً إيجابياً من انتخابه.

واذ يبدو واضحاً ان معاوني الحريري يمهّدون لحركة مشاورات سيقوم بها زعيم «المستقبل» بعد عودته القريبة الى بيروت في شأن الأزمة السياسية والرئاسية، فان جهات معنية باحتواء التصعيد العوني تعتقد ان الصورة الكبيرة التي رسمتها تطورات الأسبوعين الأخيرين يفترض ان تشكل ضوابط امام أي انجراف للتيار العوني في الأسابيع الثلاثة المقبلة، لانها عكست مناخاً سياسياً عاماً ليس لمصلحة هذا التصعيد.

وتضيف هذه الجهات ان اي طرف سياسي من حلفاء عون او من خصومه لا يبدو مقتنعاً بالحدود الدنيا بجدوى مضيّه في تصعيدٍ لا يحدّد له التيار خطوطاً حمرا وضوابط لان نتائج هذا التصعيد مع انعدام فرص التوافق الداخلي على انتخاب عون او سواه ستجعل تصعيده يرتدّ سلباً على التيار وفرص عون الرئاسية معاً.

ولم يكن أدلّ على مؤشرات المناخ المعاكِس للاتجاهات العونية من المواقف الصارمة التي يعلنها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قالها بوضوح انه و»حزب الله» يتمسكان بالحكومة، مستبعداً أي ملامح انفراج في الأزمة الرئاسية، فيما مضى معاون بري وزير المال علي حسن حليل في انتقاد عون ضمناً على خلفية طرْحه موضوع الميثاقية، مشيراً الى «ما نسمعه كثيراً من الكلام الطائفي والتحريضي الذي يُستخدم للاسف كغايات سياسية محضة». اما مواقف «حزب الله» التي كان آخرها قول رئيس كتلة نوابه محمد رعد ان الحزب يرفض «الرئيس الرمادي» ويتمسك بدعم العماد عون، فهي لا تخرج عن الخط الثابت للحزب الذي يُطمْئن زعيم «التيار الحر» من جهته ويتمسك بالستاتيكو القائم من جهة اخرى، بما يعني ان أوان الحل لم يحن بعد لاعتبارات كثيرة معروفة ليس اقلها الحسابات الاقليمية للحزب التي تشكل أولوية الأولويات لديه.

لذا، تعتقد هذه الجهات ان الباب لا يزال مفتوحاً امام التيار العوني لمراجعة أجندته التصعيدية قبل بلوغ السقف الذي لا يمكنه التراجع عنه. فمع ان التيار حدّد محطتين بارزتين لتحركه التدريجي في 28 سبتمبر الجاري و13 اكتوبر المقبل، فان الكلمة الفصل ستبقى للعماد عون شخصياً الذي لا يزال يلتزم الصمت والابتعاد عن الاعلام. وفي الفسحة المتاحة الفاصلة عن موعد إلقائه خطاباً في 13 أكتوبر، ستكون احتمالات التصعيد موازية تماماً لاحتمالات وضع ضوابط للتصعيد في ظل ما يُنتظر من اتصالاتٍ ومساع وتحركات بعد عودة رئيس الحكومة من نيويورك.