يمضي رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية قدما في الدرب الطويلة التي سلكها منذ لقاء باريس الشهير، علّ المشوار يوصله في نهاية المطاف الى قصر بعبدا، ففرنجية، وفق ما ينقل عنه زواره، يرى ان حظوظه بكسب الرهان الرئاسي تفوق حظوظ كل المرشحين وأولهم رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون. وعليه، فهو ليس في وارد ترك السباق، الا اذا تم الاتفاق على رئيس حيادي توافقي مقبول من الجميع.
زوار بنشعي يقولون لـ”المركزية” إن فرنجية يتسلّح في المعركة الرئاسية بدعم رئيس مجلس النواب نبيه بري العلني له، وبدعم الرئيس سعد الحريري الذي كان وراء ترشيحه للرئاسة، كما يحظى بتأييد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” النائب وليد جنبلاط والمسيحيين المستقلين وحزب “الكتائب”، غير أن المشكلة الاساس التي تواجه ترشيحه تكمن في أن عدد النواب الذين يقفون في ضفته لا يؤمّنون نصاب الثلثين المطلوب لجلسة الانتخاب، وبالتالي تُفترض مشاركة نواب “حزب الله” او تكتل “التغيير والاصلاح”، الامر غير الوارد في المدى المنظور في ظل اشتراط العماد عون بقاءه مرشحا وحيدا لحضور الجلسات.
لكن، وعلى رغم هذه الحقيقة التي تعوق تقدّمه نحو بعبدا، يشير الزوار الى ان فرنجية يحرص على استمرار علاقته بالضاحية الجنوبية حتى انه يعمل على توطيدها وتمتينها، خصوصا ان “حزب الله” نقل الى رئيس “المردة” رسالة مفادها ان حظوظه الرئاسية جيدة ومتقدمة طالبا منه التحلي بالصبر وانتظار انضاج الظروف وعدم حرق المراحل، دائما حسب الزوار، الذين ينطلقون من هذه الواقعة ليقولوا ان “حزب الله” ورغم دعمه المطلق للعماد عون لم يغلق الباب كليا أمام ترشيح فرنجية ما يحفّزه أكثر على عدم ترك الحلبة والثبات في مكانه.
والى جانب هذه العوامل المشجعة داخليا، يتكئ فرنجية أيضا على جملة مؤشرات خارجية ايجابية من ترشيحه. وفي السياق، يتحدث الزوار عن زيارة قام بها السفير الفرنسي ايمانويل بون الى بنشعي منذ مدة اجتمع خلالها برئيس المردة وقد أمضى معه يوما في الجبال حيث سارا لساعات سويا، وكانت مناسبة اكد بون لفرنجية خلالها ثبات الموقف الفرنسي من الاستحقاق، في خطوة تأتي بعدما كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اتصل به غداة ترشيح الحريري له. أما روسيا التي لا تبدي حماسة لدعم أي من المرشحين المطروحين، حسب الزوار، فقد استدعى مسؤولون فيها رجل اعمال لبنانيا مقيما في باريس ومقربا من فرنجيه وقد سألوه عن “بورتريه” فرنجية، وهي اشارة رأتها بنشعي لافتة في الشكل والمضمون والتوقيت وقرأتها بايجابية، اذ تدل الى ان موسكو قد تكون مستعدة للتعاطي بمرونة مع ترشيح زعيم المردة…
على صعيد آخر لكن دائما في فلك الماراتون الرئاسي وتداعياته، يشير زوار بنشعي الى أن استمرار فرنجية في ترشحه الرئاسي، عكّر علاقته بالرابية، لافتين الى انها باتت اليوم شبه مقطوعة، وأن لا مجال لترميمها أقله في الوقت الحاضر بعد المواقف “العونية” في حق فرنجية وأبرزها تلك التي أتت على لسان رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل بعد الانتخابات البلدية وعلى طاولة الحوار، وقد استفزت مواقفه في شأن الميثاقية وحجم التمثيل المسيحي، رئيس المردة الذي رد عليه بكلام قاس. ويرجح الزوار ان تبقى المناخات على حالها من البرودة والتوتر بين بنشعي والرابية الى حين اتضاح مستقبل المسار الرئاسي الذي يلفه حتى الساعة ضباب كثيف.