تضيء مصادر سياسية في فريق 14 آذار على ما تصفه بـ”الجانب الجديد” في نهج وطريقة عمل حزب الله في ما يتصل بمقاربة الواقعين الداخلي والاقليمي لتعميم افكاره وضخ الجرعات المناسبة لجمهوره وكل من يدور في فلكه، كلما دعت الحاجة أو شعر بضرورة شحذ الهمم، بعدما اصابته سهام الحرب السورية مباشرة في بيئته التي لم يعد التململ في صفوفها خافيا على أحد جراء الخسائر البشرية التي مني وما زال يُمنى بها في الميدان السوري، فتقول للوكالة “المركزية” انّ حزب الله الذي “يقضم” الدولة سياسيا واقتصاديا وأمنيا وحتى جغرافياً، بعدما عطّل كل محركاتها وأفرغها من مضمونها، بدءاً برئاسة الجمهورية التي لا يشك عاقل في انّه السبب الرئيس في عدم انجاز استحقاقها، فشلّ المؤسسات الدستورية وهيمن على القرارات الادارية وعلّق مصيرها على حبال تسوية الازمات الاقليمية وحجم قطعة الجبن التي ستحصل عليها ايران من الصفقة الدولية، اختار الدرب الاعلامية بما لهذه السلطة من سطوة وتأثير على الرأي العام، ليس في لبنان فحسب، اذ انّ اعلام الحزب في اقصى نشاطه على المستوى الداخلي ويلعب دوراً بارزاً في هذا المجال، بل على المستوى العربي عموماً والخليجي في شكل خاص.
فبعدما انخرط حزب الله في الصراع الاقليمي حتى العظم وغاص في وحول النزاع السوري الى جانب طهران، متبنيا خيار الدفاع عن النظام ورئيسه بشار الاسد في مواجهة الشعب السوري وسائر الدول العربية مضحّياً بكل مصالح لبنان مع هذه الدول التي وصلت الى حدود التلويح بقطع العلاقات، بعدما قطعت ابواب المساعدات وآخرها هبة المليارات الاربعة السعودية، عمد الى تحويل لبنان الى منصة إعلامية في الحرب بين ايران ودول الخليج من خلال انشاء قنوات تلفزيونية في مناطقه ولا سيما في الضاحية الجنوبية بهدف مواجهة المحطات الخليجية وبث افكار المعارضة التي تغذيها طهران في هذه الدول، ومن بينها قناة “نبأ” التي تركز وفق المصادر على الوضع داخل المملكة العربية السعودية، وقناة “اللؤلؤة” التي تعبر عن وجهة نظر المعارضة الشيعية البحرينية وقناة “الاتجاه” التي تعنى باخبار العراق الى جانب قناة “المسيرة” التي تدعم الحوثيين في اليمن، كاشفة عن اتجاه لانشاء قناة موجهة الى الكويت لدعم المعارضة المقربة من ايران.
وفي هذا المجال، تسأل المصادر عن الفلتان الاعلامي السائد في مجال انشاء قنوات تبث من لبنان من دون حسيب ولا رقيب ولا من يسأل عن ترخيص او اذن بالبث. وتقول ان محطات التلفزة اللبنانية تتكبد مبالغ طائلة مقابل الحصول على ترخيص وحق بث في حين تستغل هذه القنوات الفضاء اللبناني والعربي من دون اذن، فهل من يغطيها لبنانيا ام ان فائض قوة حزب الله السياسي والامني ينسحب على هذا الملف ايضا؟
وفيما يحدد قانون الاعلام اللبناني اصول البث من لبنان بضرورة الحصول على ترخيص من وزارة الاعلام واستشارة من المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع على ان يتم حصرا من محطة جورة البلوط ويغطي 80 في المائة من الاراضي اللبنانية، يخالف معظم محطات التلفزة هذه الاصول، ليتحول مجال البث الاعلامي الى برج بابل، كل يبث منه على ليلاه.
وسألت ” المركزية” رئيس المجلس الوطني عبد الهادي محفوظ عن القنوات المشار اليها اعلاه وكيفية بثها فأكد انها لم تحصل على اذن ولا ترخيص، واعتمدت فقط على إجازة بث من وزارة الاتصالات تحت عنوان مكتب تمثيلي في لبنان، لم يعد كذلك على الاطلاق ما دام يبث من لبنان، وهذا الخطأ الذي بدأ مع انشاء محطة “ANB” تحول عرفاً، حتى ان كل القنوات الاجنبية باتت تبث من لبنان في شكل مخالف للقانون ولا تخضع لقانون “المرئي والمسموع”، وتعتمد فقط على صفة “مكتب تمثيلي” من دون المرور بالمجلس الوطني للاعلام ولا بالوزارة، وهو ما اعترضنا عليه امام مجلس الوزراء، وقد ربطنا في مشروع قانون الاعلام الجديد انشاء اي مؤسسة اعلامية من هذا القبيل بموافقة مسبقة من المجلس ليطبق عليها القانون.
وأكد محفوظ ان القنوات المشار اليها تبث من لبنان منذ فترة تقارب السنة في شكل مخالف للقانون ولوظائف سياسية.
في مطلق الاحوال تختم المصادر في 14 آذار بالقول ان حزب الله الذي قضى على آمال لبنان بتحسين وضعه وانهاضه من كبوته عن طريق المساعدات العربية والدعم الخليجي الذي لطالما أمّن هذه الوظيفة في كل الظروف والمراحل الصعبة التي مر بها، سيقضي بالوظيفة الاعلامية الجديدة على آخر رمق وأمل باعادة انعاش العلاقات مع الدول الخليجية بعدما حوّل بيروت عاصمة اعلامية للمعارضات التي تغذيها ايران داخل هذه الدول.