Site icon IMLebanon

القضاء ينتصر لإيللا طنّوس!

 

كتبت فيفيان عقيقي في صحيفة “الأخبار”:

يبدو أنّ مستشفى “المعونات” بات يتقن المُماطلة في قضية إيللا طنوس، ويصرّ على التهرّب من مسؤوليته في التسبّب ببتر أطراف الطفلة الأربعة، المثبتة بثلاثة تقارير طبيّة قدّمت إلى القضاء. وهو، بعد صدور قرار قاضي التحقيق في بيروت بردّ الدفوع الشكليّة التي قدّمها باعتبارها غير قانونيّة، يمعن في هدر الوقت وإحقاق العدالة عبر استئناف القرار هربًا من التحقيق.

ردّ قاضي التحقيق في بيروت جورج رزق، أوّل من أمس، الدفوع الشكليّة المقدّمة من المدّعى عليهما الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، صاحبة مستشفى “المعونات”، و”أوتيل ديو”، في الدعوى الرقم 777/2015 المقامة ضدّهما بـ”جناية وجنحة الإيذاء وبتر أطراف الطفلة إيللا طنوس”، وعيّن 27 أيلول الجاري موعداً لجلسة تحقيق مع المدّعى عليهم، على أن يُحال الملف بعدها إلى النيابة العامّة الإستئنافيّة لإبداء الرأي فيه، قبل صدور القرار الظني وبدء المحاكمة.

 

 

في الحالات الطبيعيّة، لا تستغرق هذه الآلية أكثر من شهرين على أبعد تقدير، لكن سياسة التمييع التي تتبعها المستشفيّات، ستطيل أمد النزاع. فبعد أقل من 24 ساعة على صدور القرار، سارع مستشفى “المعونات” إلى استئنافه، هرباً من التحقيق معه في جلسة 27 أيلول، ما يُبقي العدالة لـ”إيللا” مؤجّلة إلى أجل غير مسمّى. في وقت امتنع فيه “أوتيل ديو” عن ذلك، وسبقته الجامعة الأميركيّة في التنازل عن حقّها في تقديم “الدفوع الشكليّة”.

ورأى القاضي في قراره أنّ المذكّرتين غير قانونيتين ما يستوجب ردّهما شكلاً ومضموناً، ومتابعة التحقيقات من حيث توقفت، إذ أتت هذه الدفوع وكأنّ المستشفيين غير معنيين بما ورد في تقريري لجنتي شرف بوشرف وأمين قزي الطبيتين (مكلّفتين من القضاء)، اللتين تؤكّدان تقاسم مسؤوليات الأخطاء الطبيّة والإهمال بين المستشفيات الثلاثة، حيث تكمن مسؤوليّة “المعونات” بالتأخّر في تشخيص حالة الطفلة، وفي معالجتها بالمضادات الحيويّة وفي تقديم علاج “الصدمة الإنتانيّة”، ومسؤوليّة “أوتيل ديو” في عدم فحصها لمعرفة ما إذا كانت في وضع يسمح بنقلها، ومسؤوليّة “الجامعة الأميركيّة” في الاستخدام المفرط للعلاج المضيّق للأوعية وتأخّر إيقافه، برغم تحسّن الطفلة سريرياً وبيولوجياً، ما أخّر تشخيص الغرغرينا ومعالجتها، وأدّى إلى بتر أطرافها.

مماطلة المعونات

طلب “المعونات” في “دفوعه الشكليّة” المقدّمة في 27/6/2016 قبول المذكّرة شكلاً، وردّ الدعوى وعدم سماعها لعدم اختصاص القضاء الجزائي في بيروت، وبطلان الدعوى الجزائيّة المقدّمة خلافاً للأصول لعدم اقترانها بأي ادعاء من النيابة العامّة، ولعدم بيان الإسناد المنسوب إلى الرهبانيّة. وحصر “المعونات” علاقته بالقضية ضمن فترة زمنيّة لا تتجاوز خمسًا وثلاثين ساعة أمضتها الطفلة في المستشفى، وركّزت على النتيجة (بتر الأطراف في مستشفى آخر)، متغاضياً عن الأسباب (الإهمال والأخطاء الطبيّة الحاصلة عندها).

 

 

ورمى مسؤوليّة معالجتها على الطبيب عصام معلوف، منكراً وجود أي تقصير أو إهمال من جانب الجسم التمريضي والطبي فيها، قبل أن يبدي امتعاضه من العبارات الواردة في الشكوى التي وصّفت ما جرى مع الطفلة بالمجزرة، ومن نتيجة التقرير الطبي الصادر عن لجنة قزي (رئيس قسم الطوارئ في الجامعة الأميركيّة، الذي انفصل عن لجنة بوشرف وقدّم تقريراً مستقلاً لما وصفها بمحاولات إبعاد المسؤوليّة عن المعونات وأوتيل ديو ورميها على الجامعة الأميركيّة).

أمّا في تعليل القرار، فقد أشار رزق إلى أنّ “الدفع الحاضر يخرج عن مفهوم الدفوع الشكليّة، كمثل انزعاج المستشفى من العبارات المُستخدمة وتعليقه على تعيين اللجنة الطبيّة المردودين شكلاً”. مضيفاً إنّ “ما يدلي به بكونه غير مسؤول لأن المدعى عليه الأساسي هو الدكتور عصام معلوف، وهو ليس موظفاً لديه لكي تجري ملاحقته، لا يؤدي إلى وقف سير الدعوى ولا يحول دون سماعه، وهو مردود لعدم قانونيته”. ليشير نهاية إلى أنّ “ادعاء عدم وجود رابطة سببيّة بين عمليّة بتر أطراف الطفلة مع أي فعل مزعوم ينسب إليه إو إلى أحد العاملين لديه، يقتضي إجراء تحقيق لمعرفة ظروف النزاع، قبل النظر في المسؤوليّة المترتبة عليه، ما يجعل الإدلاء بهذا السبب حاليًا خارجًا عن الدفوع الشكليّة قانوناً، ويقتضي ردّه، وردّ المذكرة بكاملها لعدم قانونيتها”.

“أوتيل ديو” يتهرّب

لا تختلف خلاصة “الدفوع الشكليّة” المقدّمة من “أوتيل ديو” في 30/6/2016، عمّا أورده المستشفى الأول، إذ طلب ردّ الدعوى لكون فعل المدّعى به (الامتناع عن إغاثة مريض) لا يمثّل جرماً معاقباً عليه في القانون، لانتفاء العناصر الماديّة والمعنويّة عنه، فهي رأت أن الجهة المدّعية كان تعلم عدم وجود أماكن لديها لاستقبال الطفلة. علماً أن عدم إغاثتها في غرفة الطوارئ التي مكثت فيها لساعات (سنداً إلى التقارير الطبيّة) أسهم في تخفيف فرص نجاتها بعدما بدت واضحة عليها آثار الصدمة الإنتانيّة القاتلة بنسبة 80% في حال عدم معالجتها.

وفي تعليل قراره، أشار رزق إلى أنّ “الجرم غير المُعاقب عليه جزائياً هو الفعل الذي لا نصّ قانونيا يجرّمه، فيما الجرم المنسوب إلى “أوتيل ديو” معاقب عليه في المادة 567/عقوبات، إذا ثبت حصوله”، مشيراً إلى أنّ “ما يثيره المستشفى من أسباب، مثل معرفة الجهة المدعية بعدم توافر أسرّة لاستقبال الطفلة، يعدّ دفعاً في الأساس لا من قبيل الدفوع الشكليّة المنصوص عليها في القانون، ويقتضي ردّ الدفع الشكلي لعدم قانونيّته”.

إيللا تستعدّ لعمليّة جديدة

تتزامن جلسة التحقيق في 27 أيلول المقبل مع استعداد الطفلة إيللا طنوّس، التي حُرمت أطرافها الأربعة نتيجة الإهمال والأخطاء الطبيّة المرتكبة بحقّها في كل من مستشفى المعونات وأوتيل ديو والجامعة الأميركيّة، لعمليّة تركيب أطراف اصطناعيّة سفليّة جديدة، على أن تُستتبع بجلسات علاج مكثّفة في المستشفى والمركز التأهيلي والمنزل لمساعدتها على المشي في غضون 6 أشهر كحدّ أقصى.