كتب ايلي الفرزلي في صحيفة “السفير”
اكتملت العدة عند العونيين. هم ذاهبون إلى الشارع «لانتزاع الشراكة».
لا يأملون كثيراً بموقف مغاير من الرئيس سعد الحريري. وبناءً عليه، سيطل العماد ميشال عون على جمهوره بعد غياب، أراده أن يكون مناسبة لإنضاج ظروف انتخابه رئيساً للجمهورية، قبل أن يتبين أن المراد لا يزال بعيد المنال.
قد يكون الحشد مهماً، لكن ذلك لا يعفي من أن الآذان ستنصت جيداً إلى ما يقوله عون. هل سيكسر الجرة، من خلال إحياء خطاب العام 1989؟
يدق العونيون جرس الإنذار الميثاقي والدستوري «لأنو ما بقى فينا نكمّل هيك». قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات النيابية وبعد سنتين ونصف من الفراغ الرئاسي، يعتقدون أنه «صار لا بد من القول إن لبنان الواحد مهدد وأنه لم يعد بالإمكان تخطي الشراكة الوطنية من دون ردة فعل».
لكن هل هم أمام معركة خاسرة جديدة؟
في أوساط الرابية ثقة تامة بالموعد المرتقب. «كل ما حصل في كفّة وما سيحصل في 13 تشرين وبعده في كفّة أخرى». الموقف العوني يؤكد أن هذا التصعيد ليس موجهاً ضد أي فئة إنما يخدم فكرة لبنان الواحد ويؤكد على وجوب احترام العقد الميثاقي الذي يجمع بين اللبنانيين.
بين الموقف الرسمي المنضبط نسبياً وبين موقف كثر من المتحلّقين حول طاولة «التكتل» ثمة فرق شاسع. الأخيرون لا يسايرون في خطابهم: إذا كان المدافعون عن «اتفاق الطائف» ليسوا مستعدين لتنفيذه فنحن لسنا مضطرين لفعل ذلك أيضاً.
«رضينا بالهم والهم ما رضي فينا»، يقول أحد نواب تكتل «التغيير»، لذلك، «لا أحد يلومنا إذا طالبنا بتعديل نظام لم ينصفنا وسحب صلاحيات الرئاسة الأولى ولم يحل مشاكل البلد».
بالنسبة للنائب العوني، فإن «اتفاق الطائف» لم يعد صالحاً، بعدما تبين أنه لا يمكن السير به بدون عرّاب خارجي، في ظل استنسابية في التطبيق يضمن البعض من خلالها التفرد في السلطة، فيتغاضى هؤلاء عن الاصلاحات التي تضمنها، ولاسيما قانون الانتخاب واللامركزية الادارية الموسعة أو مجلس الشيوخ. وهذا يعني أننا سنكون كل ست سنوات أمام مشكلة.
ثمة تركيز في «التكتل» على أن النظام السياسي العادل واللامركزي هو الهدف الأسمى، أما السعي إلى وجود رئيس جمهورية قوي، فليس سوى الطريق إلى تعويض الخلل القائم في الشراكة. وعليه، «لم يعد مقبولاً أن نضرب اتفاق الطائف من خلال رفض الشراكة وفي الوقت نفسه نرفض وصول الزعيم المسيحي الأكثر تمثيلاً في طائفته ووطنياً إلى الرئاسة».
ليست المعركة لا طائفية ولا مصلحية بالنسبة للعونيين. هم يميزون بين الحق والمصلحة. يفترضون «أنه من حقنا أن يكون لنا مرشحينا إلى المناصب العامة طالما نحن حزب سياسي يتصدى للشأن العام، ومن لا يريد لنا ان نكون أصحاب طموح مشروع بتولي المراكز، عليه أن يقتلنا».
يذكّر نائب عوني أنه حتى في معركة قيادة الجيش في السنة الماضية، لم يكن وصول شامل روكز إلى قيادة الجيش غاية نفعية لـ «التيار»، «فالكل أجمع أنه الأكفأ لتولي هذا المنصب، وها نحن نكمل المعركة اليوم، بعدما صار روكز خارج الجيش، فبغضّ النظر عما إذا كان لدينا مرشحنا ام لا، لا يعقل أن يُطاح بقانون الدفاع بقرار من وزير».
يعود العونيون إلى لحظة الانسحاب السوري: «حينها سنحت لنا فرصة جدية بممارسة السلطة وفقاً للدستور والميثاق، لكن ما حصل أن الممارسة الخاطئة استمرت، بعدما ظن البعض أن بمقدوره استبدال الوصاية الخارجية بوصاية داخلية، من دون الأخذ في الاعتبار وجود شركاء في الوطن».
عود على بدء. يقول أحد نواب «التيار» انه «لم يعد مقبولا الاستمرار بتغييبنا. وسننزل إلى الشارع حماية للبنان الواحد الذي أسس ميثاق 43 للشراكة بين أبنائه وعزز اتفاق الطائف الرابط الكياني بينهم».