دخلت المرأة اللبنانية في مجالات عدّة كانت تعتبر مخصصة تقليدياً “فقط للرجال” بحيث اصبحنا نرى فتيات يسعين للانخراط في السلك العسكري وتحديداً قوى الأمن الداخلي… فكلّ تلك المهام التي بدأت المرأة بتوليها تعكس صورة حضارية وإيجابية عن لبنان لينزع عنه رداء العنصرية والتعصب والإستخفاف بالنساء تحت ذريعة المجتمع الشرقي الذكوري.
وجديد تلك الخطوات الفريدة من نوعها تتمثل بقرار بلدية بتخنيه في قضاء بعبدا وتوكيل مهام شرطة البلدية والتي هي مهام ميدانية وعلى الأرض لعدد من فتيات المنطقة، ما لاقى اعجابا وتأييدا كبيرا من قبل أبناء البلدة وبعض البلدات الأخرى التي تسعى الى تطبيق الأمر نفسه. فكيف طرحت الفكرة؟ وهل لاقت تأييدا فعليا من ابناء البلدة؟ وما هي المهام الموكلة للفتيات؟
الفكرة جاءت بطرح من نائبة الرئيس
رئيس بلدية بتخنيه حمد أبو الحسن يؤكّد في حديث لـIMLebanon أنّ “هذه الخطوة اتّخذت بعدما طرحت نائبة الرئيس السيدة صباح أبو الحسن الفكرة فوافقنا عليها واتخذنا القرار في المجلس البلدي، والفكرة جاءت كي تلاقي الضرورات والاحتياجات الحالية من مهام للشرطة والتي يقوم بتأديتها الشباب بشكل جزئي، خصوصا في ما يتعلق بموضوع اللاجئين السوريين والفتيات السوريات ممّا يشكل حرجًا لشباب الشرطة بالتعامل معهن وبتفتيشهن وبتفتيش مقتنياتهن وأغراضهن الشخصية، فحرصنا على الأمن داخل بلدتنا ومنطقتنا من خلال توكيل تلك المهام للفتيات”.
ويضيف أبو الحسن: “التعامل والتعاطي مع الفتيات يكون فيه تجاوباً اكثر من التعامل مع الشباب ونحن رأينا هذا النموذج في عدد كبير من الدول والبلدات الاوروبية المتطورة، ورأينا أنّ هناك احتياجات لكي يكون عندنا فتيات ممّا يشكل فعالية أكبر في آداء الشرطة، وبدأنا بتطبيق الفكرة وحددنا مهامهن بشكل يتلاءم مع القوانين والانظمة المرعية الاجراء بالنسبة لطبيعة الرقابة، وأوكلنا للفتيات مهام جزئية ومحدودة وبدوام عمل جزئي، والمهام تقتصر على مناسبات الفرح والحزن في البلدة من أعراس ومهرجانات ومآتم ومناسبات عامة لأنّه خلال تلك المناسبات يصبح هناك كثافة سير في البلدة، لذلك قمنا بتوكيلهن مهام تنظيم السير ومساعدة المواطنين”.
فتيات جامعيات…
ويشير أبو الحسن الى أنّ “عدد الفتيات هو 10 وأعمارهن تتراوح بين 20 و25 سنة ومعظمهن لا يزلن في الجامعات، وعندما طرحنا الفكرة عليهن أبدين رغبة بالتطوع ولو مجانا، ولكنهنّ لا يعملن مجانا بل نقدم لهنّ مخصصات وليس رواتبًا، وجهزنا لهن عتادًا كاملاً وآلية للنقل تابعة للبلدية وزودناهنّ بأجهزة للتواصل لكي يقمن بواجبهن على أفضل حال ولكي يظهرن بشكل جدًا حضاري”، ويوضح أنّنا “قمنا بإعطائهن دورة مكثفة عن كيفية التعامل مع المواطنين من قبل مختص في الشرطة مما أدى الى سلوك الموضوع بطريقة جدية جدا، واليوم عدد كبير من البلديات تقوم بدرس تلك الخطوة من أجل تنفيذها”.
هل من انتقادات؟
ويشدد أبو الحسن على أن “بتخنيه دومًا تعطي دورًا للمرأة في البلدية، فمنذ تأسيس البلدية حتى اليوم دائما يكون هناك عنصر النساء في المجلس البلدي، ولم يأت اي مجلس بلدي في بتخنيه منذ تأسيس البلدية حتى اليوم إلا وهناك نساء فيها، ونحن عندنا ايمان بتعزيز دور المرأة واشراكها في المجتمع الاهلي والمؤسسات، وكل المؤسسات الاجتماعية في البلدة تضم نساء الى جانب الشباب لكي يقمن بعملهن على أفضل وجه”، مضيفا أن “المجلس البلدي الحالي يضم ثلاث سيدات هنّ نائبة الرئيس وأمينة السر ومقررة البيئة”.
ويكشف رئيس البلدية عن “اطلاق هذا الحدث الذي يتثمل يتوكيل مهام ميدانية للفتيات بالتزامن مع مهرجان البلدة الصيفي الذي أقيم في شهر حزيان الفائت، ومنذ 4 أشهر حتى اليوم لم يرد أي انتقاد أو شكوى من قبل اي مواطن على آدائهن، وكان هناك حماسة عند ابناء البلدة وتجاوبا كبيرا مع الامر، خصوصًا أنّ العمل ينفذ بكلّ جدية وحرفية والتزام ولم يكن هناك اي مجال لكي نعطي اي ملاحظة، ولم يكن هناك اي تصرف يخرج عن الاصول القانونية”.
أبو الحسن يدعو كافة البلديات الى أن تحذو حذو بتخنيه بتطبيق هذه الخطوة بعد التحضير لها حسب ما تستوجب خصوصية كل بلدة مع الاخذ بعين الاعتبار اختيار الفتيات وتأهيلهنّ، ليكنّ جدّيات في تنفيذ المهام التي توكل لهن.. خطوة رائدة فهل ستتعمّم على مناطق أخرى؟