IMLebanon

تَوجُّس متعاظم من إطلاق عون تصعيداً بلا كوابح

michel-aoun

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: مع انتهاء زيارة رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام مساء أمس لنيويورك مختتماً ترؤسه لوفد لبنان الى أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة بإلقاء كلمته أمام المنظمة الدولية، سيبدأ تسليط الأضواء من اليوم على ما يمكن حصوله من تطورات على صعيد المأزق السياسي والحكومي.

ذلك ان الأيام الاخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في المؤشرات الى تَصاعُد الاحتقان الداخلي، بما يحمل على الاعتقاد بأن الأسبوع المقبل سيشكل شرارةً لتصعيدٍ واسع في ظل الاستعدادات التي يقوم بها “التيار الوطني الحر” الذي يقوده العماد ميشال عون لمرحلة ما بعد الجلسة المقبلة لمجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية في 28 ايلول الجاري وضمن فترة تمتدّ حتى 13 تشرين الاول المقبل، حيث يُتوقع ان يضع “الجنرال” بنفسه الأجندة التفصيلية لمسار هذا التصعيد في الخطاب الذي سيلقيه في الذكرى 26 لإسقاط حكومته العسكرية بعملية عسكرية سوريّة العام 1990.

ولفتت أوساط سياسية وثيقة الصلة بالمساعي الجارية لاحتواء التصعيد عبر “الراي” الى ان مجمل المعطيات الماثلة حالياً لا توحي إطلاقاً بإمكان نجاح هذه المساعي التي ستتكثف بعد عودة سلام الى بيروت، قبل اختبار حقيقة النيات التي يبديها حلفاء عون، وفي مقدمهم “حزب الله”، لتجنُّب زعزعة الوضع الحكومي، ولو ان كلمة السر السائدة تشدد على اعتبار الحكومة خطاً أحمر ممنوع إسقاطه.

اذ ان ثمة ثلاثة عوامل تحمل هذه الأوساط على التوجس من مرحلةٍ مقبلة تتسم بحماوةٍ سياسية، ولو ان حدودها ستبقى مبدئياً في إطار تجنّب الشلل الشامل الذي قد يحصل جراء تعطيلٍ غير محدَّد الأفق الزمني لجلسات مجلس الوزراء.

العامل الاول يتمثّل في تَصاعُدٍ غير مسبوق للحملات الإعلامية في التركيز على أوضاع زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري سياسياً ومالياً، وهي حملات لم تعد تُدرج ضمن الاهتمام الطبيعي الذي تثيره الصعوبات المالية للحريري بل يتجاوز ذلك الى تصويره السبب الاول المباشر لعدم انتخاب رئيس الجمهورية من خلال تحميله تبعة عدم الموافقة على انتخاب عون. ولاحظت الاوساط في هذا السياق ان الحملة اشتدّت وزادت في اليومين الأخيرين خصوصاً عقب الصدمة التي تعمّد إطلاقها رئيس البرلمان نبيه بري، شريك “حزب الله” في الثنائية الشيعية، في تأكيداته المتكررة حيال عدم مماشاته لانتخاب عون وتفضيله خيار النائب سليمان فرنجية. علماً ان المكتب السياسي لـ “تيار المستقبل” نوّه خلال اجتماع خُصص لمتابعة الاستعدادات الجارية لانعقاد مؤتمره العام في 26 و 27 تشرين الثاني المقبل بردّ “كتلة المستقبل” على “الحملة المغرضة التي تستهدف موقفها من مسألة ملء الشغور في رئاسة الجمهورية، وإصرار”حزب الله”على رمي تهمة التعطيل على سواه، وهو المسؤول عن صنعها وإدراتها وتوزيع أدوارها وتأجيج انفعالاتها في الوسط السياسي”.

والعامل الثاني يتمثل باقتراب موعد حسم التمديد الحتميّ لقائد الجيش العماد جان قهوجي ليل 29 ايلول مع نهاية خدمته والاضطرار الى تمديدها سنة اضافية تجنباً لأي فراغٍ في قيادة الجيش. واذ بات مؤكداً ان وزير الدفاع سمير مقبل ينتظر عودة سلام والتريث حتى ليل 29 الجاري لإصدار قرار التمديد لقهوجي، فان الأوساط تؤكد ان الفريق العوني سيتخذ من الخطوة ذريعة أساسية إضافية لإعلاء صوت التصعيد السياسي وخصوصاً ان التمديد المنتظر سيحصل غداة الجلسة 45 لانتخاب رئيس الجمهورية والتي لن تفضي الى اي جديد.

اما العامل الثالث فيتمثل في عقم الرهان على تَراجُع الجانب العوني عن أجنْدته التصعيدية ما لم يحصل على أيّ مكسبٍ بارز وملموس، فيما يبدو باب المكاسب مقفلاً راهناً لان مفاتيحه الثلاثة مترابطة وهي ملفات الرئاسة وقانون الانتخاب وآلية عمل الحكومة، وفي كلٍّ من هذه الملفات ليس هناك أي افق واضح وممكن لحصول اي اختراق، بما يعني ان لا عون قادر على النزول عن الشجرة بلا ثمن، ولا الأفرقاء الآخرون قادرون على تقديم اي تبديل في المشهد الحالي من شأنه ان يعيد عون الى الحكومة وطاولة الحوار.

ولذا تعتقد الاوساط ان أجراس التصعيد ستبدأ تُقرع بعد جلسة 28 ايلول الانتخابية ولن يكون هناك ما يوقفها إلا حسابات العماد عون نفسه الذي ستعود اليه معاينة تداعيات التصعيد والحدود التي سيبلغها وما يمكن ان يتركه هذا التصعيد من انعكاسات سلبية إضافية عليه ما لم يؤد الى أيّ تغيير في الأزمة كما هو متوقَّع، ولا سيما في ضوء ما خلصت اليه لقاءات الرئيس سلام في نيويورك مع قادة غربيين وعرب من ان لبنان ليس في أول سلّم اولويات المجتمع الدولي لجهة إطلاق دينامية خارجية متعددة الاتجاه تفضي الى إنهاء الشغور الرئاسي، ولكنه في الوقت نفسه تحت المعاينة من باب اهمية الحفاظ على الستاتيكو الذي يحكمه والذي تشكّل الحكومة نقطة الارتكاز فيه، وهو ما يحاول عون “اللعب عليه” لاستدراج تدخلات تنهي حال الانتظار الخارجي والداخلي. وكانت آخر لقاءات سلام أول من امس مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أبدى اهتماماً بالملف الرئاسي اللبناني باعتباره يقع ضمن دائرة اهتمام موسكو بمسيحيي الشرق، فيما نقلت صحيفة “اللواء” عن رئيس الوزراء اللبناني “ان كل اللقاءات تصبّ في إطار السعي لتمتين الوضع الداخلي اللبناني، وهناك اهتمام بالموضوع الرئاسي الذي اصبح ملحاً وضاغطاً وهو محل اهتمام كل الدول والقادة وليس هناك اي معطيات ملموسة يبنى عليها، ولكن الجهود مستمرة”.