كتبت سكارليت حداد في صحيفة “السفير”:
لم تحمل الزيارة التي قام بها وفد البرلمان الأوروبي من لجنة الحريات المدنية أية وعود إلى اللبنانيين. زيارة استطلاعية هدفها مراقبة أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، وتخللتها لقاءات مع عائلات من النازحين للاستماع إلى مطالبهم وحاجاتهم، على أن يرفع الوفد النتيجة إلى البرلمان الأوروبي.
تؤكد مصادر أوربية لـ«السفير» أن زيارة الوفد ليست دليلاً على تغيير في السياسة الأوروبية تجاه ملف النازحين في لبنان كما اعتقد البعض، بل تندرج في إطار تطوير قانون اللجوء السياسي، بما يسمح للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باستقبال أعداد أكبر من النازحين السوريين، وذلك على الرغم من الحديث الدائر داخل البرلمان حول ضرورة تحديث القانون الذي ينص على إعطاء اللجوء السياسي إلى من يستحقه والذي أقر في العام 1999 في ضوء ازدياد أعداد اللاجئين، لكن المصادر نفسها تلفت الانتباه إلى أن «هذه المهمة صعبة جدا في ظل تصاعد التيارات المتطرفة في أوروبا»، كاشفة من جهة أخرى، أنه خلال سنة 2015 تقدم إلى الاتحاد الأوروبي نحو 1.26 مليون طلب لجوء سياسي منهم 29 في المئة من السوريين والبقية من أفغانستان والعراق وألبانيا وباكستان وغيرها من الدول. وقد صدر 593 ألف طلب قرار إيجابي.
وتؤكد المصادر نفسها أن الملف يشكل مادة للسجال داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، وعليه لا بد أن يكون التقرير الذي سيرفعه الوفد إلى البرلمان «دقيقاً ومتوازناً ومقنعاً».
في ختام الزيارة أمس، أكّد رئيس لجنة الحريات العامة والعدالة والشؤون الداخلية في البرلمان الأوروبي كلود مورايس وهو أحد أعضاء الوفد، في مؤتمر صحافي عقده في فندق فينيسيا، «أن سياسة إعطاء اللجوء للنازحين يجب أن تكون ذات مصداقية، لذلك لا يجب الاكتفاء بالتعاطف والمشاعر بل تنظيم هذه السياسة ووضعها في أطر تلائم الدول الأوروبية.
وإذ نفى مورايس نية الاتحاد الأوروبي استيعاب 10 في المئة من النازحين السوريين في لبنان، شدد على ضرورة الاتفاق على سياسة واقعية لاستيعاب اللاجئين في الدول الأوروبية.
وحول إمكان عودة النازحين إلى مناطق يمكن العيش فيها داخل سوريا، أجاب أن هذا الموضوع ليس من اختصاصه، لكنه ذكّر أن أوروبا تمتلك تجربة مريرة في هذا السياق خلال الحرب في يوغوسلافيا سابقا، واضاف أنه «لا يمكن إقناع أحد بوجود مناطق آمنة في سوريا، وقد أثار الوزير رشيد درباس هذا الموضوع مع الوفد، لكن ليس بإمكان الاتحاد الأوروبي مجاراة لبنان في هذا الاقتراح (العودة) لأن الاتحاد غير مقتنع بمصداقية المناطق الآمنة التي يمكن العيش فيها داخل سوريا».
وعن المشكلات الأمنية التي تتزايد بين النازحين السوريين واللبنانيين، أشار مورايس إلى أن «ذلك ليس من مهمة الوفد»، مكررا «أن الزيارة استطلاعية وأنها سمحت لأعضاء الوفد بتفهم أوضاع لبنان، كما أنها كانت مفيدة لأخذ انطباعات واقعية ودقيقة عن النازحين».
وقال مورايس إن أعضاء الوفد تكلموا مع نازحين سوريين وسمعوا منهم رغبتهم في الاستقرار في بلدان أخرى لكن بشكل منظّم، إذ أنهم تعبوا من العيش بطريقة مؤقتة.
وأعلن مورايس أن الوفد لمس خلال زيارته مقرّ UNHCR حيث التقى لاجئين ينتظرون تأشيرة اللجوء السياسي، ومكاتب الـ UNRWA في مخيم شاتيلا حيث يقيم لاجئون فلسطينيون وسوريون، من الجميع الإرادة بتسوية أوضاعهم بطريقة لائقة ورغبتهم في الاستقرار.
لكن المصادر الديبلوماسية نفسها شددت في المقابل، على أن «الاتحاد الأوروبي لا يستطيع أن يساعد النازحين بشكل كبير في ظل الأجواء المشحونة بالتطرّف داخل البلدان الأوروبية»، وقالت لـ«السفير» إن التحدي الكبير «هو اقتناع أعضاء البرلمان الأوروبي بتطوير قانون اللجوء السياسي على أساس استيعاب عدد اكبر من النازحين في ظل تنامي نفوذ تيارات شعبوية متطرفة في عدد من الدول الأوروبية رافضة استقبال المزيد من النازحين».