Site icon IMLebanon

“حبْس أنفاس” مع عودة الحريري عشية الجلسة الرئاسية

 

 

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

اذا كانت عودة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الى بيروت شكّلت عامل تَوهُّج إضافياً في المناخ الذي يحاول «التيار الوطني الحر» إشاعته بقوّة عبر تركيز الأنظار على إمكان حصول انقلاب سياسي يأتي بزعيمه العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد غد الاربعاء، فان دون ذلك الكثير من الوقائع المعقّدة التي لا تزال تتحكّم بأزمة الفراغ الرئاسي.

ذلك ان الحريري عاد منتصف ليل السبت – الاحد الى بيروت وفق ما كان متوقَّعاً بمعزلٍ عن رهانات التيار العوني وسواها، كما تقول لـ«الراي» أوساط معنية اعتبرت ان لا ارتباط مباشراً او غير مباشر لهذه العودة بالجلسة 45 لانتخاب رئيس الجمهورية التي تُعقد الاربعاء، علماً ان موقف زعيم «المستقبل» وكتلته من الاستحقاق الرئاسي لم يطرأ عليه أي تغيير يبيح تكبير الأمور او تصغيرها ربطاً بأجندة هذا الفريق أو ذاك. ومع ذلك، فان هذه العودة ستكون فرصة لتوسيع إطار المشاورات والاتصالات الدائرية التي تتوقّع الأوساط نفسها انطلاقها في الأيام المقبلة، في إطار الهدف الثابت للرئيس الحريري من جملة مبادراتٍ اتخذها سابقاً ويمضي في نهجها بحثاً عن نافذة من شأنها إنهاء أزمة الفراغ الرئاسي. ولكن هذا الهدف لا يمكن ان يتحقق اذا ظلّت سياساتٌ معروفة تسعى الى حصْر أسبابها بالجانب الذي يلائم فريقاً معيناً من دون معالجة أسباب جوهرية أساسية تتصل بتعطيل الانتخابات الرئاسية بفعل السياسات التي يتبعها «حزب الله» تحديداً.

وتبعاً لذلك يُفهم من هذه الاوساط ان الحريري عاد بأجندته وليس بأي دافعٍ آخر ولم تكن هذه العودة مفاجئة لفريقه ومعاونيه ومستشاريه والكثير من نواب «كتلة المستقبل» وأركان تياره الذين ينكبّون بقوة على الأعمال التحضيرية للمؤتمر العام الذي سيعقده «تيار المستقبل» في شهر نوفمبر المقبل.

واذ «تتفهّم» الأوساط ان تُنسج حسابات مبالَغ فيها لدى البعض على هذه العودة في ظل تضخيمٍ دعائي يجري توظيفه لتبرير التحرك التصعيدي الذي يخطّط له «التيار الوطني الحر»، فإنها تؤكد ان مجمل المعطيات القائمة تنفي ما ذهبتْ اليه بعض الاجتهادات والمعلومات التي تحدّثت عن اتجاه الحريري الى تأييد انتخاب عون رئيساً في جلسة الاربعاء والتي واكبت عودته بغية المساهمة في مناخٍ يراد له زيادة حشْر زعيم «المستقبل» وتحميله تبعة مواقف معطّلي الانتخابات الرئاسية او استثمار أزمة الحريري المالية في «بنك أهداف» هؤلاء المعطّلين، الأمر الذي لا يقدّم ولا يؤخّر شيئاً في المسار الذي يتبعه الحريري في تعامُله الهادئ مع الأزمة السياسية. حتى ان الأوساط عيْنها تؤكد ان الحريري ماضٍ في الانفتاح والتمسك بمبادراته لفتح مسلكٍ أمام الأزمة من دون ان يتخلى عن دعمه المستمرّ لترشيح النائب سليمان فرنجية حتى الآن كما هو معروف. وفيما تتحفظ الاوساط عن استباق المشاورات السياسية التي تعتقد انها ستجرى بكثافة وبتدرُّج هادئ بعد عودة الحريري الى مقره في بيت الوسط في بيروت، لا تبدو صورة المأزق الذي نشأ عن مقاطعة «التيار الوطني الحر» لجلسات مجلس الوزراء قابلة للاحتواء بسهولة. اذ ان مرور الجلسة 45 لانتخاب رئيس الجمهورية الاربعاء من دون اي جديدٍ سيزيد على الأرجح تصميم عون على المضي في الاستعدادات للتصعيد تدريجاً لانه يتخذ من واقع عدم انتخابه رئيساً منطلقاً معروفاً لتبرير شعار التصعيد المرتبط بما يسمى الميثاقية المختلّة. كما ان الاتجاه الى التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي سنة اضافية يوم 29 سبتمبر وقبل نهاية خدمته بيومٍ واحد سيزيد العوامل التبريرية لهذا التصعيد. وتلفت الأوساط الى مصادفة عودة كلّ من الحريري ورئيس الحكومة تمام سلام الى بيروت في وقتٍ متزامن، علماً ان سلام سيتعيّن عليه في الساعات المقبلة بتّ الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل اي في اليوم الأخير من ولاية العماد قهوجي ورئيس الاركان في الجيش اللواء وليد سلمان وهي جلسة تَحشر سلام بين حديْن متناقضيْن: فاذا دعا الى جلسة سيقاطعها وزيرا «التيار الوطني الحر» مجدداً، يكون بذلك يعطي التيار العوني حجة اضافية للتصعيد. واذا لم يدعُ الى الجلسة وتَرَك وزير الدفاع سمير مقبل يصدر منتصف ليل 29 الجاري قرار التمديد لقائد الجيش سنة ورئيس الأركان ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة كما يُتوقع، سيكون الأمر بمثابة انصياع للضغوط العونية، ولكن ذلك لن يؤدي الى نتيجة ايجابية مماثلة لدى الفريق العوني الذي يرفض التمديد للقيادات العسكرية.

وفي مجمل الاحتمالات والمعطيات الماثلة كما ارتسمت في الساعات الأخيرة، يبدو واضحاً ان الاسبوع اللبناني الطالع يتّسم بسخونة ستعود بقوة الى مفاصل المشهد السياسي من دون انتفاء احتمال ترك باب المفاجآت مشرّعاً على الغارب. وقبيل عودته الى بيروت، توجّه الرئيس سعد الحريري بأحرّ التهاني إلى القيادة والشعب السعوديين لمناسبة العيد الوطني السادس والثمانين للمملكة العربية السعودية، آملاً في «أن تبقى المملكة دولة قوية ورائدة للعرب والمسلمين في العالم»، ومنوّهاً بدور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بدعم القضايا العربية والإسلامية. وأشاد الحريري رداً على أسئلة «وكالة الأنباء السعودية» بمتانة العلاقات السعودية اللبنانية، وقال: «المملكة كانت حريصة على دعم ومساعدة كل اللبنانيين من دون استثناء كي يستطيع لبنان تجاوز أزماته ومشاكله الداخلية ويحافظ على أمنه واستقراره»، لافتاً إلى أن العلاقات بين البلدين «لن تتأثر بمحاولات بعض الأطراف الإساءة لدور المملكة وتشويه صورتها لحسابات إقليمية معروفة، لأن أكثرية اللبنانيين تحرص على استمرار هذه العلاقة التي تصب في مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين»، ومضيفاً: «ويذكّر اللبنانيون بكثير من الامتنان الجهود التي بذلتها المملكة لإنجاز اتفاق الطائف، ووقوف المملكة الدائم إلى جانب لبنان لتجاوز تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، ومساعدته في عملية إعادة الإعمار وتجاوز مشاكله الاقتصادية».