كتب عمّار نعمة في صحيفة “السفير”:
يحتار العونيون في تفسير الإشارات الصادرة عن زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري. يبدي إشارة إيجابية ونقيضها. يصعّد تارة ويبدي ليونة تجاه موضوعهم الأساس: رئاسة الجمهورية.
وقبل تصعيده الأخير في مقالته الأخيرة في «نيويورك تايمز»، حسب العونيين، وجه الحريري رسالة بالغة الأهمية عبر طرح ترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية في اجتماع «كتلة المستقبل».
تنطلق القراءة العونية من انقسام «المستقبل» بين مؤيد لـ «الجنرال» ورافض لترشيحه، للدلالة على تطور موقف الحريري، «فالإجماع غير مطلوب من قبلهم، موقف الحريري يكفي. لكن الأخير لا يلبث أن يقدم موقفا مناقضا، وهو يسكت على الهجوم الذي يتعرض له عون من قبل صقور المستقبل».
على أن «الجنرال» يقدم تقييما إيجابيا لعودة زعيم «المستقبل» الى لبنان في هذا التوقيت بالذات، أما «النوايا» أو «النيات» فلا أحد يستعجل القراءة. يلاحظ زوار الرابية أو ربما يعكس ذلك رغبتهم، «أن الحريري ما كان ليعود من الخارج في هذا التوقيت لولا انه يحمل رسالة ما قد تحقق خرقا رئاسيا إيجابيا»..
راهن العونيون في السابق على «موقف مستقل» للحريري عن الرياض من شأنه تحقيق خرق على صعيد الرئاستين الاولى والثالثة لمصلحة عون والحريري. هذه «الانتفاضة» لم تحصل، ولذلك، باتوا اليوم متفائلين بتغيير ما في الموقف السعودي تم إبلاغه حديثا الى زعيم «المستقبل».
هو تفاؤل يشبه ذلك الذي خلص اليه هؤلاء أكثر من مرة في السابق، وهو لا يطال رئاسة الجمهورية فقط، بل ان لدى العونيين آمالا بتسوية كبرى في ملف قانون الانتخابات النيابية قد يبوح به الحريري لهم.. في وقت قريب.
هنا، يبدو دور «القوات اللبنانية» محوريا، خصوصا في موضوع النسبية التي تلقى العونيون إشارات «قواتية» بشأن اتجاه براغماتي مستقبلي ـ اشتراكي للتعامل إيجابا مع إحدى صيغها. لا يريد العونيون الخوض أكثر في الأمر، في انتظار اختمارالمفاوضات.
في هذه الأثناء، ينتظر «الجنرال» الساعات الـ24 المقبلة حتى يتلقى رسالة حريرية واضحة قبيل جلسة 28 ايلول التي سيليها في حال فشلها، تصعيد عوني «غير مسبوق» بعنوان «الحفاظ على الميثاقية والدستور».
وفي موازاة الشارع، سيبقى العونيون، في حال عدم حصول ما يشيرون اليه بأنه «تسوية تاريخية على الحريري الإقدام عليها»، على مقاطعتهم للحكومة كما للحوار الوطني، فهم لا يريدون تقديم أي جائزة للآخرين «فلمَ علينا تسهيل الأمور عليهم؟»، وليس مستبعدا اللجوء الى خيارات أخرى ومنها استقالة الوزراء اذا اجتمعت الحكومة.. وأيضا استقالة النواب اذا دعا الرئيس نبيه بري الى جلسة تشريعية واكتمل نصابها.
ثمة حالة غليان يقول العونيون انها تحصل في الشارع العوني تبرر «القيام بأي أمر، فكل شيء يصبح جائزا حينها..». على ان ذلك لا يعني تخطي الخطوط الحمراء. العونيون حريصون على ألا تخرج الأمور عن مسارها الطبيعي والديموقراطي. لذا، هم يتمسكون بالأمن ويؤكدون أنهم سيتحركون تحت سقفه، هم يدركون حساسية الوضع الداخلي المرتبط بالإقليم الذي يمر بمرحلة جد حرجة.
ألا يحرج المضي العوني في التصعيد، حلفاء عون الأساسيين، أي «حزب الله» في ظل ما يذهب اليه بعض العونيين في الدعوة الى ما يسميه خصومهم «الخطاب الانعزالي» وصولا الى الدعوة علنا للفدرالية؟
يعترف زوار الرابية بأن بعض مواقفهم قد لا تكون متطابقة مع «حزب الله»، لكنهم ينفون كليا ما يقال حول دعوتهم للفدرالية، ويبدون تمسكا غير مسبوق باتفاق الطائف، لا بل انهم يؤكدون رفضهم لخيار «المؤتمر التأسيسي». المعادلة بسيطة: طبقوا الطائف، لا تهملوا المسيحيين.. وإلا..