Site icon IMLebanon

مسؤولية الفراغ… والمصيبة الأعظم (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسام أبو زيد

سيتقاسم تيار “المستقبل” و”القوات اللبنانية” مسؤولية عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ 25 أيار 2014، وذلك في حال أيّد الرئيس سعد الحريري العماد ميشال عون كمرشح وحيد للرئاسة وجرى انتخابه رئيسًا للجمهورية.

لم يتغيّر العماد عون منذ ذلك التاريخ ولم تتغير مواقفه رغم كل ما حكي عن “ورقة نوايا” وما يمكن أن يُحكى عن تعهدات، فهو واصل الحديث عن حقوق المسيحيين المهدورة وجعلها رأس حربة في معركته الرئاسية رغم أنّ خصومه في ذلك الوقت وفي مقدّمهم “القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل” كانوا يتهكّمون على هذه الطروحات. لم يتغيّر العماد عون في موقفه من “حزب الله” وسلاحه وانخراطه في الحرب السورية، حتى أنّ خصومه اتّهموه بأنّه مرشح المشروع الإيراني في لبنان.

ولم يتغيّر العماد عون في موقفه ممّا يجري في سوريا، معتبرًا أنّ النظام هناك يقاتل الإرهاب وأنّه جزء من تحالف الأقليات في المنطقة، وهو ما كان يستفز خصومه ولا سيّما المسيحيين منهم الرافضين لهذا الحلف ولدعم النظام. لم يتغير العماد عون في الكثير من المواقف التي لها علاقة بأزمة النازحين السوريين وضرورة الحوار مع النظام السوري لإيجاد حلّ لها، ولم يطالب بطرد السفير السوري بعد اتّهام المخابرات السورية بالضلوع في تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس. ولم يتغيّر العماد عون في موقفه من قانون الانتخابات وحتمية أنّ ينتخب المسيحيون جميع نوابهم الـ64.

لم يكن العماد عون رئيسًا للجمهورية وكان يقاتل حتى اللحظة الأخيرة في عملية تشكيل الحكومات حتى ينال مطالبه، وفي مقدمها توزير صهره جبران باسيل، ولن يتغيّر إن وصل إلى رئاسة الجمهورية، بل سيتمسّك أكثر فأكثر بما كان ينادي به لأنّه سيتبيّن له أنّه كان على حق، وما مات حق وراءه مطالب.

من تغيّر في الحقيقة هم خصوم العماد عون، أي “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل”، وأتى التغيير لديهم بمنطق غير مفهوم.

فـ”القوات” و”المستقبل” تبنّيا مرشحين يحملان طروحات 8 آذار، وتقاتل “القوات” و”المستقبل” بعضهما البعض بكلّ ما أوتيا من قوة كي يصل أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية، ولكنّهما في الوقت نفسه يواصلان الهجوم على “حزب الله” والمشروع الإيراني والنظام السوري، وكأنّ من سيتولّى الرئاسة في لبنان “حاطينو بجيبتن” وسينقلب لحظة دخوله إلى قصر بعبدا على كلّ ما كان ينادي به.

يقول كثيرون إنّ السياسة هي فنّ الممكن، ويقول آخرون إنّ السياسة هي لعبة “خذ وطالب”، ويقول البعض إنّ السياسة هي قدرة القوي يفرض ما يشاء ويرفض ما يشاء، لكن أحدًا لم يقل إنّ السياسة هي أن تجهد لتأتي بخصمك اللدود إلى سدّة الحكم، وإن كانت هذه سياسة البعض في لبنان، ويرون فيها السبيل الوحيد للخروج من المأزق، فهم تأخروا كثيرًا في تطبيقها ولو فعلوا ذلك منذ زمن لكانوا وفّروا على اللبنانيين وعلى أنفسهم الكثير من المشاكل والأزمات.

في هؤلاء يصحّ القول: “إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم”!