أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أخيراً أنها ستبدأ النظر في دعاوى تتعلق بتدمير البيئة وسوء استخدام الأراضي والاستيلاء عليها كجرائم ضد الإنسانية. وتعكس هذه الخطوة توسيع نطاق ما يعتبر جريمة حرب، كما حصل في محاكمات حديثة متعلقة بتخريب المعالم الثقافية وتدمير الشعاب المرجانية.
هذا يمثل تحولاً كبيراً في استراتيجية المحكمة الجنائية الدولية، التي أُسندت إليها منذ نشأتها عام 1989 مهمة التحقيق في جرائم الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان عند عدم قدرة الحكومات الوطنية على القيام بذلك. وعملياً، من المتوقع أن يزيد عدد الأشخاص الذين يحاكمون من قبل المحكمة، في نطاق أبعد من السياسيين والقادة العسكريين وزعماء المتمردين الذين تتم محاكمتهم لاقترافهم جرائم حرب.
تعليقاً على هذه الخطوة، قال جيليان كالدويل المدير التنفيذي لمنظمة “غلوبال ويتنس” (الشاهد العالمي): “رؤساء الشركات والسياسيون المتواطئون في مصادرة أراضٍ بعنف واجتثاث غابات إستوائية وتسميم مصادر مياه سيجدون أنفسهم قريباً يحاكمون في لاهاي إلى جانب مجرمي الحروب والطغاة”.
وتفيد “غلوبال ويتنس” أن 2015 كان العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لضحايا الاستيلاء على الأراضي، حيث قتل أكثر من ثلاثة أشخاص كل أسبوع في نزاعات على الأراضي مع عمال المناجم وقاطعي الأشجار ومنفذي سدود توليد الطاقة الكهرمائية وشركات المشاريع الزراعية.
وحتى قبل نشر الإعلان المذكور، بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحويل تركيزها. فقضت بأن الصين انتهكت التزاماتها في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بحماية النظم الإيكولوجية الهشة، عندما دمرت شعاباً مرجانية في مشروع بناء الجزر الاصطناعية لتقوية مطالبتها بالسيادة على بحر الصين الجنوبي.
وسيأتي الاختبار الأول للسياسة الجديدة عندما يقرر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ومؤلف ورقة السياسة الجديدة ماتو بنسودا ما إذا كان سيتم النظر في القضية المرفوعة عام 2014 ضد كمبوديا بسبب ممارسات الاستيلاء غير القانوني على الأراضي، التي اعتبرت شركة “غلوبال ديليجنس” المعنية بحقوق الانسان، ومقرها في لندن، أنها هجّرت 350 ألف شخص من بيوتهم ليعيشوا في فقر منذ العام 2002.
وقال ريتشارد روجرز الشريك في “غلوبال ديليجنس”: إن “الجرائم المنظمة التي ترتكب تحت ستار التنمية لا تقل ضرراً بالضحايا عن كثير من فظائع الحرب.
وأضاف: “لقد بعث المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برسالة واضحة، أن هذه المخالفات قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية ولم يعد من الممكن السكوت عنها”.