Site icon IMLebanon

الحريري يلعب آخر أوراقه الرئاسية

 

 

وضع الرئيس سعد الحريري كل حسابات الربح والخسارة جانبا، وقرر مرة جديدة رمي نفسه في “الأدغال” السياسية، علّ المغامرة توصل اليوم الى ملء الشغور الرئاسي، ولو كان الطريق الى الاستحقاق شاقا وسيترك في “جسم” الزعيم المستقبلي وتياره، ندوبا وجروحا كثيرة. بهذه المشهدية تختصر مصادر في التيار الأزرق المساعي المتجددة التي يبذلها الرئيس الحريري على الخط الرئاسي، مشيرة عبر “المركزية” الى ان التضحيات الكثيرة التي قدمها بيت الوسط منذ أن سكن الفراغ قصر بعبدا، في سبيل تسهيل الانتخابات الرئاسية، أُجهضت تباعا من قبل فريق حزب الله والتيار الوطني الحر الذي قابل كل الجهود بموقف واحد “انتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون أم الفراغ”. فلا الدعوة “المستقبلية” الى الاتفاق على رئيس توافقي أثارت اهتمام الطرف الاخر الذي رفع شعار “الرئيس القوي”، ولا تبني الحريري ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع التي تنطبق عليه صفات “المسيحي القوي” بدلت في مقاطعة طرفي “ورقة التفاهم” جلسات الانتخاب. أما اتخاذ الزعيم المستقبلي قرارا جريئا ومفاجئا بدعم رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية للرئاسة، في خطوة تنازلية كبيرة، فلم يتجاوب معها أيضا الثنائي “المعطل” ورابض على موقف “عون أو لا أحد” حتى انه رأى فيها محاولة “سعوديّة” لدق اسفين في جدران بيت 8 آذار، وبقي يعطل اللعبة الديموقراطية، ويصر على رمي كرة “التعطيل” في ملعب المملكة التي “تضع فيتو على العماد عون” على حد تعبيره.

إزاء هذا الواقع، تتابع المصادر، فان الحريري قرر السير في الطريق الصعب حتى النهاية وعاد الى لبنان فاتحا الباب أمام كل الخيارات المطروحة ومنها انتخاب العماد عون لانهاء الشغور الذي بات يهدد ليس فقط الاقتصاد والامن انما الكيان والطائف والمناصفة. وما إن لمس الاطراف المحليون جدية التوجهات المستقبلية، حتى سارع فريق 8 آذار وعلى رأسه “حزب الله” والرئيس بري، الى ربط الاستحقاق بسلّة تفاهمات لا تنتهي يجب البت فيها قبل انجاز الانتخابات. انطلاقا من هنا، يمكن القول إن الحريري يلعب اليوم آخر أوراقه الرئاسية، وهي ستؤدي الى نتيجة من اثنتين: اما ملء الشغور، أو فضح المعرقلين واسقاط ورقة التوت الاخيرة التي يتلطون خلفها، ذلك أن المطلوب منه كان دعم العماد عون، وعندما فعل بات المطلوب دعم عون والاتفاق على قانون الانتخاب وشكل الحكومة المقبلة وبيانها الوزاري وتوزيع الحقائب فيها وحصة كل طرف اضافة الى التخلي عن “اعلان بعبدا” والتعهد بعدم البحث في سلاح المقاومة ولا في الاستراتيجية الدفاعية، ما يشكل دليلا قاطعا الى ان لا نية لدى “حزب الله” لانجاز الانتخابات في هذه المرحلة خدمة لمصالح ايران في المنطقة، ويبرّئ صفحة “المستقبل” من تهمة التعطيل التي يتم الباسه اياها من قبل “الحزب” ظلما، لكن هذا الواقع يجب ان يحيل العماد عون ايضا الى المعرقلين الاساسيين لانتخابه رئيسا.

واذا كانت حقيقة ان ايران لا تريد ملء الشغور ولو كان ذلك عبر مرشح “حزب الله” العلني، لا تفاجئ “المستقبل” ولا 14 آذار، فان منسقة الامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ التي زارت الحريري اليوم، تستعد لجولة ستشمل طهران والرياض وموسكو وباريس، هدفها حسب المصادر ملاقاة مساعي الحريري الانقاذية، حيث ستحاول اقناع المسؤولين الايرانيين بفك أسر الاستحقاق والكفّ عن ربطه بالتطورات الاقليمية، قبل ان تنتقل الى المملكة وروسيا وفرنسا مطالبة بتكثيف جهودها واتصالاتها لمساعدة لبنان على الخروج من مأزقه وتوفير غطاء لاي تسوية سياسية يمكن ان تبصر النور في لبنان وتنتج رئيسا.