كشفت صحيفة “الجمهورية” أنّ الرئيس سعد الحريري وخلال مشاوراته مع القوى السياسية أوحى بأنّ باب الخيارات مفتوح أمامه، إذ إنّه في المبدأ متمسّك بترشيحه النائبَ سليمان فرنجية، وهذا الخيار يبقى هو الخيار الاوّل، ولكنّه وفق الظروف والمشاورات والضرورات، والأولويات، قد يذهب الى خيار النائب ميشال عون، أو إلى خيار ثالث، وربّما يصل الى قرار نهائي بألّا يتّخذ أيّ قرار، وبالتالي ينفض يده من كلّ هذه المسألة، على حد تعبير أحد الذين شملتهم مشاورات الحريري.
وفي هذا السياق، يندرج لقاؤه بالرئيس نبيه برّي ليل الخميس الجمعة في عين التينة، حيث كشفت “الجمهورية” أنّ اللقاء كان ودّياً، واتّسَم بصراحة متبادلة، وتمّ استعراض الفراغ الرئاسي، وكلّ ما يحيط به، بالإضافة الى المسار الحكومي منذ سنوات وكيفية تشكيل الحكومات التي مرّت على البلد وكم مِن الوقت قد أهدِر في مراحل تشكيلها.
بالإضافة إلى القانون الانتخابيي، وقد أكّد الرئيس بري على موقفه بضرورة الذهاب الى التفاهمات المسبَقة التي تعبّد المسار الرئاسي، وتبني الأرضية الصلبة لانتخاب رئيس الجمهورية.
على أنّ السؤال الأساس في هذه الأجواء: متى سيُبلور الحريري قراره جدّياً؟ وإن اتّخذه فكيف سيُسوّقه؟
الجواب قد يقدّمه الحريري ربّما خلال الأسبوع المقبل بعد عودته من “سفرته الثلاثية”. وقال مواكبون عن كثب لمشاورات الحريري لـ”الجمهورية” إنّه مستمر في مشاوراته في كلّ الاتجاهات، وإنّه يطرح أسئلة حول ما يمكن القيام به لإنهاء الأزمة الرئاسية، ويَسمع استعداداً للتحرّك لمساعدته في هذا الاتّجاه عبر القيام بخطوات، ومن هؤلاء النائب سليمان فرنجية الذي أرسَل نوّاب كتلته الى المجلس النيابي يوم جلسة الانتخاب. وبرّي الذي أكّد للحريري أنّه سيتحرّك من جهته.
أضاف هؤلاء: كلّ هذه المشاورات تستمر بالتزامن مع الحوار بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. وفي ضوء نتائج هذه المشاورات، سيكون الحريري أمام مجموعة خيارات، فإذا تبيّن أنّ النتيجة لمصلحة عون فسيَدفع في هذا الاتّجاه، وإذا مالت الدفّة لفرنجية يدفع أيضاً في هذا الاتّجاه. وإذا لم يكن لا هذا ولا ذاك يمكن ان يطرَح خيارات جديدة ويمكن أن يذهب الى القول إنّه عملَ ما عليه وليتحمّل الآخرون المسؤولية وليَعملوا على انتخاب الرئيس.
وأكّد المواكبون لحركة الحريري أنه سيستمرّ في المشاورات والاجتماعات وأنّه لا يقفل الباب أمام أحد، وستكون له لقاءات جديدة مع كلّ القيادات التي شاوَرها وسيشاورها، والتي قد تشمل أيضاً المرجعيات الدينية.
إلى ذلك يبقى تسويق قرار تبنّي ترشيح عون المرجّح أكثر من أيّ خيار آخر، أو أيّ قرار آخر، هو المهمّة الأكثر صعوبة ، إذ إنه يصطدم بحاجز
التفاهمات المسبَقة على “آليّة تحصين العهد المقبل حكومياً وعلى مستوى القانون الانتخابي”.
واللافت للانتباه هنا، أنّ الحديث عن هذه التفاهمات فرض نفسَه بنداً “سجالياً على الخفيف”، على “سوء التفاهم” على ضفاف الاستحقاق الرئاسي، وبرَز هنا ما صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ردّاً على ما وصَفها “حملةٍ، أغلبها بنيّة حسنة، تُظهر الأمور كأنّها خلاف شخصي بين الرئيس بري ومرشح معيّن، والمقصود هنا النائب ميشال عون”.
وسأل مقرّبون من عون: هل هناك من يريد تسوية، ويبحث عن أفضل صيغة لمعادلتها؟ أم هناك من يريد إجهاض التسوية، ويبحث عن أفضل الذرائع لوأدها؟
واعتبر قيادي مستقبلي في حديث لصحيفة “الأخبار” إن “الرئيس الحريري ليس محتاجاً لجولات للفت النظر حول حجمه ودوره السياسي، وذلك واضح لكل من يريد أن يرى الحقيقة لا أن يصفها على مزاجه. ولمن يريد أدلة على ذلك عليه أن يراجع زياراته للعواصم الرئيسية واستقبال الرؤساء له”.
وأضاف: “عندما يقرر الحريري مرشحه النهائي سوف يعلنه بالفم الملآن، سواء بالإصرار على ترشيح فرنجية، وهذا احتمال يتراجع، أو بالتفاهم على تسمية مرشح آخر بالتفاهم مع بري أولاً و(النائب وليد) جنبلاط ثانياً”. وفي السياق عينه، لفتت مصادر سياسية “وسطية” إلى أن الحريري يتعمّد في لقاءاته عدم إظهار حماسة كبيرة لترشيح عون، تفادياً “لإحراق الطبخة” التي يعمل عليها من جهة، ولمنع ابتزازه من قبل القوى السياسية الأخرى التي تعتقد أنه يسعى جاهداً للوصول إلى رئاسة الحكومة بهدف الخروج من ضائقته الشعبية والمالية.