Site icon IMLebanon

أين أصبحت “الميثاقية”؟ (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

واختفت “الميثاقية”… أو بالأحرى تلاشت فجأة كل المطالبات واختفى المطالبون بـ”الميثاقية”. بمجرّد أن وصلت إشارات من الرئيس سعد الحريري بإمكان قبوله بتبني ترشيح العماد ميشال عون، تبخّرت مشاريع التحركات التي كان يلوّح بها “التيار الوطني الحر”، تماما كما تبخّرت خطب رئيسه الوزير جبران باسيل المهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور تحت عنوان “الميثاقية”.

هل يُعقل أن يختفي عنوان بحجم “الميثاقية” من التداول الإعلامي والسياسي كالسحر؟ هل يجوز أن تكون “الميثاقية” بخطر كبير، و”العيش المشترك” يخضع لإعادة النظر… ويتغيّر كل شيء بسحر ساحر أو بقدرة قادر أو بوعد واعد؟ أم هل يجوز أن تكون عناوين خطرة مثل “الميثاقية” و”العيش المشترك” مجرّد مواد للاستهلاك الإعلامي والسياسي في بازار الاستحقاق الرئاسي؟

أين أصبح المطالبون بـ”الميثاقية” من موضوع قانون الانتخابات النيابية والتمثيل المسيحي الصحيح؟ وهل أصبح فجأة المجلس النيابي الممدد لنفسه مرتين (والثالثة قد تكون آتية) شرعياً ويحق له انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟

ولماذا كانت “الميثاقية” مهددة من الفريق السني في البلد قبل أيام أو أسابيع وليست مهددة اليوم من الثنائي الشيعي الذي يصرّ على “السلة” قبل الانتخابات الرئاسية، بعدما كان وعد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بأنه إذا كان المرشح هو العماد ميشال عون فلا داعي للسلة؟ لماذا لا تكون “الميثاقية” مهددة عندما يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على تحديد الحصص والوزارات في الحكومة الجديدة قبل انتخاب الرئيس وقبل إجراءات الاستشارات النيابية الملزمة وقبل تكليف رئيس جديد للحكومة؟

وكيف يمكن مثلا الحديث عن الإصرار على تطبيق القانون في موضوع تعيين قائد جديد للجيش، ومن يدّعي هذا الإصرار يوقع على مرسوم ترقية لواء في الجيش لتسليمه تسيير أمور رئاسة الأركان بشكل تحوط به عشرات علامات الاستفهام؟

كل ما جرى ويجري يؤكد أن أرنب “الميثاقية” تم استحضاره خدمة للطموحات الرئاسية ليس أكثر، رغم أن هذا العنوان يُفترض أن يشكل قدس الأقداس في بنيان الكيان اللبناني. فالميثاق كان أساس قيام لبنان بشكله الحالي، ومن غير المقبول استحضاره والعبث به أو المتاجرة به في الزواريب السياسية الضيقة.

وكل ما جرى يبرهن أن الشعارات الكبرى يتم استعمالها خدمة للأهداف الشخصية وليس للمصالح العليا، وهذا ما يهدد بعدم أخذ الأمور بجدية في حال لا سمح الله كان “الميثاق” يوماً ما بخطر، لأن البعض يستحضره ويلوح به عند كل مفترق أو معركة مهما كانت صغيرة أو كبيرة.

ليس واضحاً ما إذا كانت المساعي المستجدة على خط الملف الرئاسي ستثمر إنهاءً للفراغ الرئاسي وولادة رئيس جديد للجمهورية، لكن المطلوب الاتعاظ لسحب فتائل تفجير أسس النظام عبر تحييد الثوابت وعدم المتاجرة بها في بازارات المصالح الشخصية والحزبية والفئوية. وربما أكثر ما يهدد الميثاق في لبنان فعلا هو إصرار البعض على الإطاحة بالنظام تحت وهج السلاح وفرض معادلات هجينة لا علاقة لها بأي مفهوم من مفاهيم الديمقراطية.