تؤكد اوساط سياسية مطلعة على حيثيات الحراك الرئاسي ان الاستحقاق دخل مرحلة جديدة لم يعد للمراوحة من مكان فيها، فشهر تشرين سيشكل النقطة الفاصلة بين فراغ العامين ونيف والرئاسة التي باتت على الابواب في غض النظر عن هوية من يملأها.
وتقول الأوساط لـ”المركزية” ان حصيلة جولتي الرئيس سعد الحريري الى عدد من دول القرار التي بدأها من موسكو حيث اجتمع اليوم مع وزير الخارجية سيرغي لافروف والممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ الى كل من ايران والسعودية وروسيا يفترض ان تظهّر المشهد الرئاسي، اذ ان الزعيم المستقبلي يستمزج اراء بعض هذه الدول في ما آلت اليه جهود الداخل في حين تجسّ المسؤولة الاممية نبضها لمعرفة مدى استعدادها لممارسة ما يكفي من الضغط على القوى المعرقلة للافراج عن ورقة الرئاسة، خصوصا ان هذه القوى وتحديدا حزب الله ما زال يقف متفرجاً على ما يدور على المسرح السياسي الرئاسي من دون ان يخطو اي خطوة في اتجاه ملاقاة الجهود المبذولة، وهو القادر اذا ما اراد. واستنادا الى ذلك، تعتبر الاوساط ان الحسم بات جذريا، اقله في مربع قوى 14 آذار والمرشحين عون وفرنجية، ذلك ان خلاصة المخاض الرئاسي وحصيلة “حراك تشرين” محليا وخارجياً سيسقطان آخر “ورقة توت” يتلطى خلفها رافضو الرئاسة، ايا كان الرئيس. فمكونات 14 آذار التي تدرك اسباب واهداف مخطط التعطيل ستكشف عن آخر مكونات الطبخة التي اعدها هذا الفريق لابقاء الرئاسة في دائرة الفراغ، ويفترض، بعد ما جرى، ان يكون استنفد مخزونه، ليتأكد آنذاك العماد عون وفرنجية ان حليفهما حزب الله لا يريد ايصال اي منهما الى بعبدا، ويوظف كل اوراقه لابقائهما بعيدا منها، واستخدم اخيراً سلة التفاهمات التي اعلنها الرئيس نبيه بري ليقطع طريق القصر بسواتر يرفعها غيره، فيما يراقب هو عن بعد مفاعيل وارتدادات طروحاته التي فجرت امس العلاقة بين بكركي وعين التينة.
من هنا، تضيف الاوساط ان عون وبري، لا بد بعد انكشاف الحقائق، ان يقتنعا بضرورة الانتقال الى مربع جديد يفترض ان يشكلا فيه ناخبين اساسيين في الرئاسة لتكون لهما كلمة في هوية الرئيس العتيد المرجح ، بالاستناد الى ما يسمعه المسؤولون اللبنانيون من نظرائهم في الخارج وخصوصا الدول المؤثرة في الاستحقاق التي لا يتوانى ممثلوها الدبلوماسيون في بيروت عن التعبير عن ارائهم، ان يكون حياديا وليس رئيسا طرف ليتمكن من مواكبة المخاض الاقليمي العسير الذي يوجب تبصراً ورؤية ثاقبة للتعاطي معه بحنكة بحيث يواجه الارهاب والتطرف ويقطع الطريق على محاولة تمدده الى لبنان خلافا لما يمكن ان تكون عليه حال الرئيس الطرف الذي قد يستجلب الارهاب الى الداخل.
وتستشهد الاوساط بموقف الرئيس بري لجهة انتقاد سلة الاشخاص في بيان الرد على سيد بكركي، لتقول ان رئيس المجلس عنى بهذا الانتقاد انه يرفض وصول كل من في السلة، (القادة الاربعة) والا لما انتقدها، ما يعزز الاعتقاد بأن ثمة مرشحا في قعر سلته لن يكشف عنه الا حينما يحين الظرف، وهو أكثر من يستشرف آفاق المرحلة ويلتمس اتجاهات الرياح الخارجية التي تبدو ناشطة جدا في هذه المرحلة بالذات وباتت تتطلب نسج اطار تفاهمات تحصّن عهد الرئيس الحيادي، يتولى بري بالذات تنسيقها.