Site icon IMLebanon

بين إيران والسعودية.. الرئاسة اللبنانية مؤجلة

 

 

 

كتب عمّار نعمة في صحيفة “السفير”:

باتت ملفات المنطقة كالأواني المستطرقة. فكيف عندما يصبح حزب لبناني لاعب إقليمي بارز، هل يمكن أن يكون لمفهوم «اللبننة» تفسير واحد عند اللبنانيين كما عند الخارج الذي صار يلمح الى «طائف يمني» و«طائف سوري» و «طائف عراقي»!

الواقع ان ما يجري في المنطقة يشي باستحالة فصل أزمة لبنان عن أزمات المنطقة، وها هي مناطق الاشتباك الاقليمية الملتهبة، تثبت ان فجوة العلاقة المتوترة بين إيران والسعودية تزداد عمقا يوما بعد آخر.

يلفت المتابعون للمشهد الاقليمي النظر الى حالة من الطلاق بين طهران والرياض تتمظهر في ساحات اليمن والعراق وخصوصا في سوريا. ساحات تبدو عصية على حسم عسكري لفريق على الاخر. أقصى الممكن انجازات عسكرية تكون كفيلة بجذب الأطراف الى تسوية لا مفر منها في نهاية معظم الحروب.

ومن بين الملفات الإقليمية الكبرى، يقول المتابعون إن ثمة تقدماً جدياً لحلفاء إيران في العراق مع تقهقر تنظيم «داعش» وتقدم الحكومة العراقية بمساندة إيرانية..

في اليمن، يرى هؤلاء ان السعودية قد تورطت في حرب لا نهاية لها تكلفها أموالا طائلة انعكست على اقتصادها المترنّح، ولا تجد مخرجا ينتشلها من ذلك الخطأ الاستراتيجي.

أما في سوريا، فإذا كان من غير الممكن الحديث عن انتصار للنظام في الأرجاء السورية، الا انه من الواضح ذلك التقدم الذي حققه بمؤازرة روسية ـ إيرانية وأخرى على الأرض أهمها «حزب الله»، منذ عاصفة السوخوي قبل عام.

وثمة أهمية استراتيجية كبيرة توليها طهران للحرب في سوريا التي تخطط بعض الدوائر الغربية لإعادة رسم خريطتها السياسية، ولذلك، يقول المتابعون ان الحليف الإيراني يدعم الرئيس السوري الى النهاية.. في المقابل، لا تزال السعودية تقدم دعما كبيراً للفصائل المسلحة بوجه دمشق.

ولعل خط الاشتباك السعودي ـ الإيراني قد تجاوز المنطقة العربية ليشمل المحيط الإيراني، وتبدو أفغانستان مثالاً على هذا الأمر، مع ما يتحدث عنه البعض من دعم سعودي لحركات متطرفة معادية لطهران.

يضاف الى كل ذلك، الأزمة الكبيرة التي اندلعت بين الجانبين في موسم الحج، بعد ان رفضت الرياض تقديم تعهدات طالبت بها طهران لحماية الحجاج الإيرانيين. لا بل ان السلطات السعودية قدمت طلباً للمرة الأولى، بأن يقلع الحجاج الإيرانيين عن مراسمهم السنوية بالبراءة من المشركين، ما رفضه الجانب الإيراني.

انطلاقاً من هذا الواقع المعقد على الخط الإيراني السعودي، يسأل المتابعون لدى مقاربتهم لانعكاس ما يحدث في المنطقة على الشأن اللبناني: لماذا ستقدم السعودية تنازلا في لبنان في ظل وضعها المهتز في المنطقة؟

هو سؤال يبدو ان الأيام المقبلة ستجيب عليه، في الوقت الذي يلفت المتابعون فيه النظر الى ان المبادرة الرئاسية التي شرع فيها الرئيس سعد الحريري عبر التلميح الى إيجابيات وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة، من المرجح انها لم تحصل على ضوء أخضر سعودي. ويشيرون الى ان الملف اللبناني لا يحتل الأولوية عند السعودية، وقد كان من الأجدى للرياض، حسب هؤلاء، عدم وضع العراقيل امام اتفاق عون والحريري قبل سنتين ونيف، ما أدى الى إجهاض الحركة الحريرية باتجاه عون.

من ناحية إيران، يقول هؤلاء إن إيران لطالما تعرضت لضغوط من قبل بعض الدول من أجل إقناع «حزب الله» بالتخلي عن عون مرشحا وحيدا للرئاسة. وقد رفضت طهران هذه الطلبات، وهي (الدول)، إذ تبدي اليوم إيجابية طبيعية قريبة من منطق «حزب الله» الرئاسي وترشيحه لعون، الا انها لا تفرض، من ناحيتها، أي مرشح على اللبنانيين. وهي تؤيد اجتماع اللاعبين المحليين مع بعضهم البعض لمحاولة حل مشكلاتهم داخلياً.

بهذا المعنى، فإن الكرة في ملعب الحريري، أي السعودي فعليا. ولكي يتم تحقيق خرق جدي في المسألة الرئاسية، لا بد من تبن حريري جاد وعلني لعون، ما سيشير عندها الى قبول سعودي به.

لكن هذا السيناريو مستبعد في هذه المرحلة، اذ ان الحريري يخشى التحرك بمفرده، والضوء الأخضر السعودي لن يكون سهلا في حالة مرشح يصنف في الرياض حليفا لا يتزعزع لـ«حزب الله».