Site icon IMLebanon

عودة الحريري للسراي رهن ماذا؟

 

 

كشفت مصادر واسعة الإطلاع ان الإستعدادات الجارية في بيت الوسط لترتيب الجولة الخارجية للرئيس سعد الحريري الى بعض العواصم الغربية والعربية شكلت إشارة واضحة الى حجم التعقيدات الخارجية التي ما زالت تعيق سيناريوهات عدة، ومنها موقفه النهائي من الإستمرار بترشيح النائب سليمان فرنجية او الإنتقال الى ترشيح النائب العماد ميشال عون او الخيار الثالث، شرط ان يتوفر من يلاقيه في وسط الطريق فلا يبقى الرهان على حراكه فحسب لإخراج الإستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة.

وقالت المصادر لـ”المركزية” ان إسراع البعض في توجيه اللوم الى هذا الفريق أو ذاك ليس في محله فمعظم الأطراف الداخلية الفاعلة استمد قوته في هذه المرحلة من تفاهماته الخارجية ولا يمكنه التصرف على اساس المعطيات الداخلية فحسب.

ونقلت في هذا الإطار عن مرجع سياسي يواكب الحراك القائم في الداخل والخارج، ان السعي الى خرق ما في جدار التعطيل لجلسة انتخاب الرئيس لا يقف عند قدرات الأطراف اللبنانية التي تخشى منذ عامين ونصف العام تقريبا، مواجهة ديمقراطية في ساحة النجمة تنتج “الرئيس المفاجأة” وهي تسعى الى توفير ضمانات ثابتة من اليوم قبل الدخول في العهد الجديد “بمرشح واحد دون اي منافس” كما يريد البعض. وان بعض الأطراف لا تعنيه التفاهمات الداخلية بقدر ما يصر على تغليب منطق القوى الإقليمية على مصالح الداخل.

ولفتت المصادر الى ان لهذه النظرة ما يبررها، فالملفات اللبنانية من اقتصادية ومالية وسياسية كبرى، التي ستفتح في العهد الجديد لا ترتبط بعناصر داخلية، فمصادر الحسم فيها خارجية وما تبقى في الداخل يبقى انعكاسا لهذه التوازنات ويمكن تمريره بأقل الخسائر على الطريقة اللبنانية وفق منطق “كل شيء في أوانه”.

وعلى هذه الأسس، تضيف المصادر ان السعي الى تفاهمات داخلية لا يضر، لكن ما نخشاه ان تنزع المتغيرات الخارجية عنه صفة الديمومة. فالتجارب السابقة التي تلت “تفاهمات الدوحة” تبخرت بين ليلة وضحاها بعد عامين ونصف من إجرائها فأطيحت الحكومة ، فيما كان رئيسها سعد الحريري على باب البيت الأبيض فدخل الى لقاء الرئيس الأميركي باراك اوباما رئيسا لحكومة مستقيلة بالثلث المعطل.

ولذلك قالت المصادر، ان الضمانات التي نالها الرئيس الحريري هذه المرة للعودة الى رئاسة الحكومة يمكن الا تتجاوز المهلة الفاصلة بين التكليف وإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة بعد وضع قانون الإنتخاب الجديد الذي على أساسه سيتشكل مجلس نيابي جديد غير مضمون النتائج بالأكثرية التي تبقيه في السراي.

وبناء على ذلك تبقى الإشارة الى ان التفاهم بين الحريري وعون وباقي المكونات السياسية لا يمكن ان يكتمل لارتباطه بسيناريوهين متناقضين:

الأول التمديد للمجلس النيابي الحالي بالتركيبة الحالية الى ان يأتي الوقت لإعادة انتاجها نفسها وعلى اساس قانون جديد يعطي مفاعيل الستين دون ان يحمل التقسيمات الإدارية نفسها ومن بين القوانين الجاري بحثها شبيه له وخصوصا عندما يوزع الدوائر بين اعتماد النظام الأكثري في بعضها وأخرى على اساس النسبي.

اما الثاني الذي يبطل الأول، أيا كانت النتائج التي تفضي اليها اية انتخايات نيابية مقبلة، فليس مضمونا ان يعود الحريري الى السراي ما لم ينل وحلفاؤه الأكثرية النيابية التي لا تستطيع ان تحكم ما لم تتفاهم مع الفريق الآخر وفي مقدمه حزب الله الذي وإن فاز بالأكثرية مع حلفائه فليس مضمونا انه يحتاج الى الحريري وحلفائه لان لديه البدائل على الساحة السنية التي تشظت بـأسرع ما امكن تصوره.

وعليه، فان الحديث عن ضمانات وتفاهمات مسبقة ليس في محله ما لم يكن هناك من يضمن ديمومتها. فالحراك الإقليمي قد يعطل الكثير منها ويقلبها رأسا على عقب في اي وقت. وتوازن القوى الطائفية والسياسية مختل ولا سبيل لتقويمه ما لم يلتزم الجميع بعملية ديمقراطية سياسية ولتنتج الأكثرية ما يمكن إنتاجه، لكن شرط الا تكون أكثرية مضغوطة ومركبة مبنية على تحالفات ظرفية غير طبيعية وآنية، من دون ان يكون لها سند سياسي ومنطقي وبرامج تحميها بوجود من يلتزم باتفاقاته الى النهاية المحتومة حتى وإن “جار الزمان عليه”، وإن تقلبت القوى الإقليمية لا تتعطل التفاهمات الداخلية.

وحتى ذلك الحين، يختم المرجع بالقول: فلننتظر المزيد من المواقف لتنقشع الرؤية الإقليمية ونرَ من بين أضوائها منفذا الى انهاء الشغور الرئاسي في لبنان، ولذلك فان اللعبة طويلة وعلى الجميع الإستعداد لتمرير الوقت بمزيد من الصبر والأناة.