كشف مصدر ديبلوماسي أوروبي لصحيفة “اللواء” ان ظروف انتخاب رئيس جديد للجمهورية إقليمياً ودولياً لم تنضج بعد.
ووصف جولة الاتصالات التي قامت بها سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن على كل من الرؤساء برّي وميشال سليمان وسعد الحريري بأنها تهدف إلى الوقوف على الأجواء المحيطة للحراك اللبناني لوضع تقرير ترفعه لدول الاتحاد عشية توجه الرئيس الحريري إلى فرنسا وبعض الدول العربية والإقليمية للوقوف على موقفهم من المتغيّرات المتصلة بانتخاب الرئاسة اللبنانية.
وأشار المصدر إلى ان المواجهة الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي في ذروتها، وأن الرئاسة اللبنانية مرتبطة بالملف السوري في مقايضات إقليمية لم يحن اوانها بعد.
وفي انتظار أن تقول السعودية كلمتها الفصل في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وان تسمع الرابية موقف الرئيس سعد الحريري رسمياً وعلناً بعدما استشفّت أجواء موسكو، يمضي الحريري بحسب “الجمهورية” في مشاوراته الداخلية التي سيوسّع بيكارها الى الرياض أيضاً وباريس وربما يقوم بزيارة خاطفة الى القاهرة على حدّ ما أبلغ نوابه في اجتماع كتلة “المستقبل” قبل يومين. في وقت أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ “الحراك الرئاسي يتقدم”.
صحيفة “النهار” اعتبرت أن تعقيدات المسار الرئاسي أعادت فرض فرملة الاندفاعات التي ذهبت بعيداً في توقعات متسرعة.
أشارت مصادر نيابية إلى انه اعتباراً من الاسبوع المقبل قد يكتسب المشهد السياسي والدستوري سواء بسواء مفارقة تتمثل في عدّ تنازلي للجلسة الانتخابية الرئاسية في 31 تشرين الاول التي يسبغ عليها طابع مفصلي مبدئيا لجهة حسم مصير خيار انتخاب رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون.
وأوضحت المصادر ان الاسابيع الفاصلة عن آخر تشرين الاول ستكتسب طابع حبس الانفاس ولو ان بعض الجهات السياسية بدأ يردد من اليوم ان موعد 31 تشرين الاول لا يجب احتسابه كنهاية لمسار “الانفتاح” على الخيارات الرئاسية ولا سيما منها خيار عون. غير ان الواقع يشير الى ان العماد عون الذي بدأ نهجاً مهادناً ومرناً واعتمد خطاباً يعكس جدية رهانه على تحرك الحريري في اتجاه ترشيحه لن يكون موقفه مضموناً بعد مرور جلسة 31 تشرين الاول من دون تغيير جذري وان يكن بات مستبعداً ان يتبدل واقع العلاقة الدافئة الناشئة بينه وبين الحريري. وفي أي حال، يبقى من المبكر الحكم على نتائج تحرك الحريري ما دام مستمراً في جدولة تحركاته خارجياً وداخلياً بما يعكس مضيه في استنفاد هذا التحرك قبل ان يطلق الاشارات المتصلة بموقفه النهائي.
في المقابل، تخشى أوساط في “بيت الوسط” ان يطغى مسار “حزب الله” في إبقاء موقع الرئاسة الأولى في دائرة الفراغ، متهمة الحزب بأنه ينكث كالعادة تعهداته، لا سيما مع النائب ميشال عون.
ولم تشأ مصادر سياسية تبني الاستنتاج بأن حركة الاتصالات لانضاج تبني خيار النائب ميشال عون قد علقت، لكنها رأت في الأجواء المحيطة لتوجهات “حزب الله” ربط انتخاب عون بحوار ينضج تفاهماً بين عين التينة والرابية من دون ان يكون حزب الله وسيطاً على هذا الخط.
لكن دوائر الرابية قللت من ما وصفته سيناريوهات وشائعات تملأ الساحة السياسية، مجددة الثقة بتوجه الرئيس سعد الحريري، ومشيرة إلى لقاءات خارجية سيعقدها في بحر الأسبوع الطالع في كل من باريس وانقرة والرياض.
على خط مواز، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصدر قيادي في “التيار الوطني الحر” اشارته الى انه لطالما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري أقرب لقوى 14 آذار منه إلينا، لكن كل ذلك كان يحصل ضمنا ومن تحت الطاولة، أما اليوم فالأمور باتت على المكشوف”.
وأسف المصدر لكون بري حالياً رأس حربة في المعركة التي تهدف للتصدّي لوصول الممثل الأقوى للمسيحيين إلى سدة الرئاسة، وحتى اقتناع الرئيس سعد الحريري بأحقية مطالبنا لم يدفع رئيس المجلس لإعادة النظر بحساباته”.
صحيفة “السفير” رأت من جهتها، أنّ “حزب الله” قام بواجباته مع حليفه المسيحي الاستراتيجي ميشال عون. سدّد له فاتورة الوفاء بأجمل مما كان يتوقعها، وذلك بمجرد أن قرر سعد الحريري أن يضع اسمه على لائحة خياراته.. وصولاً الى تبنّيه نظرياً من دون أي سند سياسي معلن حتى الآن.
وأضافت: “بالنسبة إلى “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصرالله، ليست مسألة استبدال اسم بإسم. إنها معركة خيارات كبرى في المنطقة. بهذا المعنى، يشكل الإجماع أو شبه الإجماع على ترشيح «الجنرال» أفضل كسب استراتيجي لحزب مندفع، وبلا أدنى تردد، في معركة إقليمية ودولية ستترك بصماتها ليس على مستقبل لبنان وسوريا والمنطقة وإنما النظام العالمي الجديد”.
رئيس مجلس مجلس النواب نبيه بري لصحيفة ”الأخبار”: “بالنسبة إليه، لم يسمع حتى الآن من الرئيس سعد الحريري ترشيحاً علنياً لعون، ولم يحسم له أحد ممن زار السعودية حقيقة الموقف السعودي، وبالتالي، ما لم يسمع برّي موقف الحريري الواضح، فإن “ترشيح الحريري لعون لا يزال كلاماً”.
رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع كشف عن أن دبلوماسيين غربيين زاروا طهران أخيراً سمعوا كلاما مفاده بألا ضرورة ملحة الآن لانتخاب رئيس جديد للبنان. وأكد جعجع في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” أنه مقتنع بأن “حزب الله” لا يريد عون رئيسا للجمهورية، كما لا يريد غيره، فهو يفضل الفراغ لأن دولة ضعيفة تعني أن الحزب سيكون قويا، والعكس صحيح.
ورأى أن سعي إيران لدور إقليمي قد يكون مشروعا لو كانت تسعى له بما تسمح به الأعراف والسياسات الدولية والعلاقات بين الدول وليس خارج الأطر الموجودة. واعتبر أن إيران تستثمر في الفوضى اللبنانية.
وحذر من أن فشل مبادرة زعيم كتلة “المستقبل” سعد الحريري المتوقعة لانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية ستجعل لبنان أمام احتمالات رهيبة لا أريد التفكير فيها، مؤكدا أن الحريري “جاد وجدي” في مبادرته.
وسط هذه الأجواء، أكدت مصادر موثوقة لصحيفة ”الجمهورية” انّ الكلمة الفصل في موضوع الرئاسة تبقى للرياض التي لم تعلن قرارها حتى الآن.