لفتت أوساط من الفريق المؤيّد لمجيء العماد ميشال عون في قوى “8 آذار” لصخيفة “الراي” الكويتية الى أن الأمور أقلّ تعقيداً في ضوء ثلاثة معطيات هي:
- ان حساسية المعادلة السنية – الشيعية في لبنان جعلتْ من الصعب ان يأتي السنّة برئيسٍ للجمهورية او الشيعة كذلك، وتالياً فان أحدهما يبادر والآخر له حق “الفيتو”، وهو ما حصل مع مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية التي لم تكتمل فصولاً نتيجة اعتراض “حزب الله”، اما الآن فـ “حزب الله” بادر منذ البداية الى ترشيح عون وها هو الحريري يتّجه الى تأييده.
- صحيح ان الحريري، الذي تحظى حركتُه الجديدة بنحو 99 في المئة من التغطية السعودية سيعود الى رئاسة الحكومة، لكن الأصحّ هو انه سيأتي على عربة مرشح “حزب الله”، اي العماد عون ولن يكون طليق اليد مع وجود عون رئيساً للجمهورية والرئيس نبيه برّي رئيساً للبرلمان، إضافة الى ان زعيم “المستقبل” لم يعد شخصية صِدامية ومن مصلحة “8 آذار” التعاون معه، خصوصاً مع ظهور قيادات سنية أكثر تشدداً.
- يدرك العماد عون ان من الصعب عبوره الى القصر الرئاسي من دون المرور بتفاهمات مع الرئيس بري تتناول المسائل الأساسية المرتبطة بالعهد المقبل، وتالياً فإن الواقعية تقتضي بذهاب الطرفين الى حوارٍ وتفاهُم يمكن ان يلعب “حزب الله” دور المسهّل لإنضاج نجاحهما، خصوصاً ان الحزب الذي يسلّم بإدارة بري للمسائل المرتبطة بالدولة لانخراطه في حروب المنطقة، هو صاحب مصلحة في انتزاع أكبر قدر من المكاسب في السلطة لمصلحة الشيعة، وفي إبقاء الإمرة الاستراتيجة بيده.
وفي اعتقاد هذه الأوساط ان سلّة الشروط المسبَقة ليستْ برسم عون وحده إنما الحريري أيضاً، وهو ما يفسّر محاولة زعيم “المستقبل” الحدّ من الأثمان التي يُراد له دفْعها عبر تَجنُّبه الخوض في أيّ مفاوضات مع “حزب الله” وحصْر تفاهمه بالعماد عون، لاعتقاد الحريري ان “حزب الله” من مسؤولية زعيم”التيار الوطني الحر”.
وبيدو الحريري، الذي “يطبخ” خطواته في اتجاه إعلان تبنّيه لترشيح العماد عون وكانه يختار بين السيئ اي مرشح خصمه “حزب الله” وبين الاسوأ، اي المضي في فراغ مفتوح على فوضى قد تطيح باتفاق الطائف وتوازناته، وربما هو أقنع القيادة السعودية بـ “النصف الملآن” الذي يُظهِره اولاً شريكاً أساسياً في وصول عون الى الرئاسة (والذي من دون زعيم “المستقبل” لم يكن في الإمكان وصوله) ويضمن له ثانياً العودة الى رئاسة الحكومة.
ورغم الضغوط الإعلامية والسياسية التي يتعرّض لها الحريري لـ “حرق المراحل” في دعمه ترشيح عون، فإن من الواضح ان زعيم “المستقبل” المتمهّل لن يُقْدِم على هذه الخطوة سريعاً لأمريْن، الاول يرتبط بتهيئة مزاج بيئته السياسية – الشعبية للحدّ من الخسائر التي تنجم عن دعم انتخاب زعيم “التيار الحر” الذي غالباً ما كان صدامياً مع هذه البيئة، والثاني وهو الأهمّ اتضاح موقف الثنائي الشيعي، أي الرئيس بري و”حزب الله” من انتخاب العماد عون.
وحتى يحين الموعد غير الحاسم لانتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المقررة في 31 الشهر الجاري، سيكون من الصعب الجزم باتجاهات الريح في بيروت المصابة بوهج الحروب المفتوحة على امتداد خطوط الطول وخطوط العرض في المنطقة.