لا شك ان الانتخابات الرئاسية الأميركية حدث يشغل العالم، فانتخاب رئيس اقوى دولة في العالم له اهمية عالمية فيما تحمل هذه الانتخابات التاريخية الكثير من الشخصنة والجدل والاتهامات حيث تدور رحى المعركة بين مرشح جمهوري غير متوقع هو دونالد ترامب المتخبط في صراعات داخل صفوف الجمهوريين اولاً وفضائح بشأن الأخلاقيات والأهلية للرئاسة وبين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي بدورها تتعرض للعديد من الاستجوابات خصوصاً بعد تسريب ملفات “وكيليكس”.
اما في ما خص منطقة الشرق الاوسط ولبنان فالتساؤلات كثيرة حول تعاطي اي من المرشحين بشأن الملفات المشتعلة. المناظرة الاخيرة التي جمعت بين ترامب وكلينتون اظهرت التفاوت في الآراء بشأن المنطقة، فترامب اتجه فجأة الى مغازلة بشار الأسد ووقف الى جانب الحرب الروسية في سوريا، اما كلينتون فاتخذت موقفا مغايرا داعيةً للضغط على الاسد والروس فيما يبدو انه استكمال لسياسة باراك اوباما في المنطقة وهي التي كانت وزيرة خارجية الولايات المتحدة في عهده فضلا عن انها ستنال دعم من زوجها الرئيس السابق بيل، الذي يتمتع بخبرة كبيرة في ادارة الملفات.
من بين كلينتون وترامب هو الأفضل لأميركا والعالم في ظل الأزمات والصراعات التي نشهدها؟ موقع IMLebanon حاول الحصول على اجابات من مختصين.
هيلاري الرئيسة.. ستعيد معادلة القوة!
يؤكد المحلل السياسي الدكتور سامي نادر في حديث لـIMlebanon أن “هيلاري كلنتون هي الأقرب للفوز برئاسة الولايات المتحدة الاميركية خصوصا بعد المناظرة الاخيرة التي جمعت بينها وبين ترامب وحديثهما عن الملف السوري ومواجهة الارهاب”، ويضيف أن “طرح كلينتون مقنع اكثر ويتلاءم مع سوابق السياسة الخارجية في المنطقة وهي تؤكد انها ستبقى على نفس السياسة ولكن الفارق الاساسي هو انها ستعيد معادلة القوة لتتمكن من رفع التأثير على الارض، بمعنى آخر تسعى الى وسائل اخرى تضغط فيها على روسيا من اجل التوصل الى حل سياسي في سوريا، وهذا الامر سينعكس ايجابا على لبنان”.
ترامب يتماهى مع الأسد؟
ويشير نادر الى أن “مقاربة ترامب مختلفة تماما فهو لا يميز بين جيد وعاطل، ويقول ان ليس هناك معارضين في سوريا وكلهم لا يمكن الوثوق بهم، وسأل “عن اي معارضة تتكلمون؟”، وقال خلال المناظرة أن روسيا تحارب “داعش” وعلينا ان نتفق على طريقة سويا، وقال أيضا ان من يحارب “داعش” هو الأسد، مما يؤكد أنه يتماهى جدا مع المقاربة الروسية، وهذه المقاربة ليست محط اجماع عند العرب ونحن منقسمون عليها”.
ويضيف أن “المقاربة الامثل هي زيادة الضغط على النظام السوري للتوصل الى حل للأزمة وهذ ما اكدته كلينتون بحيث قالت انها قد تسعى الى ارسال قوات خاصة”.
مشكلة كلينتون
ويتابع نادر ان “المشكلة مع كلينتون هي انها لم تتطرق الى موقف المملكة العربية السعودية خصوصا مع ظهور قانون جاستا اليوم، ولم تتطرق للموقف التركي خصوصا انها هي مع دعم تسليح الاكراد مما سيخلق مشكلة مع تركيا التي هي حليف تقليدي وثابت، وهذا الامر يطرح علامات استفهام حول الطروحات مما يؤكد أنها ليست كاملة، ولكن علينا الا ننسى ان هذه المرحلة لا تزال ضمن المرحلة الانتخابية”.
ويؤكد نادر أن “مواقف كلينتون في الادارة الاميركية كانت معروفة في مرحلة توليها وزارة الخارجية واستطدمت بالرئيس اوباما وتميزت عنه في أمور كثيرة، وبالملف السوري تحديدا، وكانت هي من المدافعين عن الضربة الجوية ضد النظام السوري”.
طروحات خطيرة..
ويشدد نادر على أن “ترامب هو Wheeler Dealer ويأخذ مواقفه لاسترضاء اسرائيل ولكن هذا الامر أين سيصرفه؟ فسياسته ليست متماسكة والاتفاق الذي قام به مع الروس ممكن ان يقوم به مع الايرانيين، فسياسته فيها الكثير من براغماتية رجال الاعمال، واللافت هو أن طروحاته خطيرة وتقترب كثيرا من روسيا ولا يتمايز عن الطرح الروسي بشأن الملف السوري”.
الشرق الاوسط وحل مشاكله بنفسه
أستاذ الدراسات الاميركية في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور كامل وزنة، يؤكد في حديث لـIMlebanon أن “سياسة هيلاري كلينتون الخارجية هي اشبه بمؤسسة ولا تتوقف على شخصية الرئيس فقط وانما على الاجهزة الموجودة في الولايات المتحدة الاميركية، باعتبار ان اميركا هي سياسة استمرارية للسياسات السابقة المتبعة، فهناك اجهزة استخباراتية وسياسية وامنية كلها تتعاطى في رسم خريطة في منطقة الشرق الاوسط وخريطة لكل العالم”، معتبرا ان “القراءة الداخلية للانتخابات تشير الى ان كلينتون هي الاوفر حظا للوصل الى الرئاسة، ما سيؤدي الى تولي أول إمرأة في تاريخ أميركا رئاسة الجمهورية، وسياستها هي مزيج وتكملة للسياسات التي اتبعتها عندما كانت وزيرة خارجية وتكملة لسياسة اوباما وفيها شيء من سياسة الرئيس بيل كلينتون الذي هو سيكون الرجل الأول في البيت الأبيض بعدما كان رئيسا”.
ويشدد وزنة في ما خص ملف الشرق الاوسط على أن “أميركا لا تستطيع حلّ مشاكل الشرق الاوسط، وعلى الشرق الاوسط ان يحل مشاكله بنفسه وهذا لا يتم إلا بتفاهم ايراني – سعودي وحتى الآن هذا التفاهم لا تحوم حوله بوادر ايجابية”، وموضحا أن “ملف بيع الاسلحة ربما يشكل مشكلة للولايات المتحدة بسبب تزويد المنطقة بعتاد وفائق قوة يسمح للتقاتل، واذا اميركا ارادت تخفيض نسبة القتال فعليها تخفيض نسبة بيع الاسلحة، والظاهر ان هناك ضغط داخلي لتطيير حظر بيع الاسلحة للمنطقة، وسنوات اوباما كانت هي السنوات بحيث شهدنا بيع المنطقة للأسلحة وتزويدها بطريقة خيالية لم تكن موجودة في السابق”.
الخطر غير نووي… وهذه هي التحديات
ويكشف وزنة عن أن “اليوم الخطر في الشرق الاوسط هو ليس السلاح النووي لان السلاح النووي لا يستخدم، بينما السلاح التقليدي هو الذي يستخدم بطريقة يومية ويسبب دمارا وقتل لشعوب هذه المنطقة وافقارها، لذلك اعتقد ان الولايات المتحدة الاميركية ستكون امام اعادة رسم خريطة سياسية جديدة وقد يكون الشرق الاوسط ليس من اولويات الادارة الاميركية، واولويات اميركا كانت ولا زالت من عهد اوباما هي التحديات الاقتصادية والامنية في شرق آسيا وبالتحديد في الصين”. ويلفت الى أن “اليوم التسلح الصيني الذي بلغ نحو 146 مليار دولار سنويا بعدما كان 30 مليار في العام 2006 اصبح يشكل خطرا واضحا على الولايات المتحدة، والانتشار العسكري في شرق آسيا ايضا تحد كبير، وكوريا الشمالية التي سيكون عندها قدرة في العام 2020 ان تملك صاروخا بالستيا عابرا للقارات وبعد اجراء 17 تجربة على الصواريخ البالستية و5 تجارب على رؤوس نووية تستطيع ايصال صاروخ نووي الى الولايات المتحدة”.
ويرى وزنة ان “التحدي الاقتصادي الداخلي، والتفاوض الطبقي وغيرها من الامور الداخلية ستكون هي من اولويات الولايات المتحدة الاميركية وليس الشرق الاوسط، وكل ما تفعله الولايات المتحدة هي انها تقف متفرجة وتبيع اسلحة الى المنطقة”.