يدرك كل من تسنت له متابعة خطابي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في عاشوراء ان بوصلة الحزب مركّزة داخليا على الاستقرار في شقيّه السياسي والامني، وما خلا ذلك من قضايا، بما فيها رئاسة الجمهورية، ليس في سلم اولوياته ولا حتى اهتماماته، وهو الذي لا يحرك ساكناً لالتقاط الفرصة الرئاسية لأحد حليفيه المسيحيين، رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، قبل ان تصبح من الماضي، ويكتفي بالترحيب بايجابيات الحراك على هذا المحور.
وتعتبر مصادر سياسية في فريق 14 آذار للوكالة “المركزية”، ان الرئيس سعد الحريري الذي يستكمل جولة على عدد من العواصم قادته الى الرياض التي كانت تستضيف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وباريس التي اجتمع فيها امس مع وزير الخارجية جان مارك ايرولت ووضعه في اجواء حراكه والموقف السعودي منه، على ان يحط لاحقا في انقرة والقاهرة، عازم على الوصول الى النهاية وعدم التوقف عند اي مطب، قناعة منه بوجوب وضع حد للفراغ الرئاسي وفصل الرئاسة عن الوضع الاقليمي المأزوم، فإما ان يتم انتخاب العماد عون من ضمن مهلة زمنية محددة، او، وفي حال بقيت المتاريس التي يرفعها الحزب في وجه الرئاسة نزولا عند الرغبة الايرانية، يكون قد فضح مخطط العرقلة الذي أعد له الحزب كل لوازم العمل منذ عامين وخمسة أشهر وقضى على آخر ذرائعه لاتهام تيار المستقبل ومن خلفه السعودية بتحميلهما وزر تعطيل الاستحقاق الرئاسي في لبنان بحجة رفض انتخاب عون.
وفي كلتا الحالتين، تضيف المصادر، ان الحريري سيخرج رابحاً، فاذا نجح، يعود الى رئاسة الحكومة لتعويم نفسه اولا والاعتدال السني ثانيا، بعدما شهد سلسلة انتكاسات في الفترة الاخيرة، حيث تلقى ضربات موجعة في معاقله الاساسية وخصوصا طرابلس من خلال “منازلة” الانتخابات البلدية، بحيث تشكل هذه العودة رافعة للحريري وللخط المعتدل الذي يمثل، والذي تؤكد المصادر انه حاجة لحزب الله تحديداً اكثر من اي طرف سياسي لبناني آخر، لان الحريري يكاد يكون الزعيم السني الاكثر اعتدالا في المنطقة في زمن العصبيات والتطرف والارهاب، ومن شأن وصوله منع انتقال الفتنة السنية ـ الشيعية الى لبنان التي تستمر جلسات الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل، على رغم كل ما يعتريها من شوائب وما يصيبها من سهام، فقط من اجل ردع زحفها نحو الداخل، حيث الارضية خصبة وفتائل الاشتعال حاضرة في كل لحظة.
واكثر من ذلك، توضح المصادر، ان بندقية حزب الله التي اشعلت 7 ايار سابقا لم تعد كافية ولا قادرة اليوم على انتاج “7 ايار” آخر في ظل وجود نحو ثلاثة ملايين سني بين لبنانيين ولاجئين فلسطينيين وسوريين يشكلون وقودا جاهزة لأي فتنة، فـ”زمن الاول تحول” وفق المصادر وما كان جائزا في الامس لم يعد كذلك اليوم.
واذا انجزت “الصفقة” وانتخب عون رئيسا للجمهورية وسعد الحريري رئيس حكومة، تقول المصادر، ان أحدا لن يكون في مقدوره تمنين الحريري بايصاله الى موقعه لانه مهد طريقه بنفسه وحفر جبل التسوية بإبرته متخطيا كل المعوقات والسواتر التي رفعت امامه، فيكون في هذه الحال قادرا على ان يحكم بقوته الذاتية وليس بارادة الغير.