كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:
من المفترض أن يستقبل الرئيس نجيب ميقاتي صباح اليوم في مكتبه في بيروت وفد «التيار الوطني الحر» الذي يجول على القيادات السياسية كلها في لبنان في إطار التسويق لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
في غضون ذلك، تفاعلت تصريحات رئيس الحكومة السابق حول رفضه «الارتجال الرئاسي والتقلب بين شخص وآخر»، وتشديده على ضرورة «مراعاة المواصفات المطلوبة للمرشح الرئاسي»، وتأكيده «أن عون يشكل استفزازاً للشارع السني».
يمكن القول إن ميقاتي ومن موقعه الشمالي، وخصوصاً الطرابلسي، بات يشكل غطاء للاعتراض السني على خيار سعد الحريري ترشيح ميشال عون للرئاسة. الدليل على ذلك، ما لاقاه موقف ميقاتي من ارتياح في الشارع الطرابلسي الذي لم يتفاعل إيجاباً مع مقابلتي العماد عون والوزير جبران باسيل، بل على العكس، إذ يقول أحد وجهاء المدينة «إن الهدوء المرحلي لا يلغي تاريخاً من العنف الكلامي»، فضلاً عن الخشية من أن «يمحو النهار.. كلام الليل».
وعلى المستوى المناطقي، ساهم ميقاتي في تثبيت العلاقة التاريخية بين طرابلس وزغرتا، وذلك بتقديمه خيار انتخاب زعيم «المردة» النائب سليمان فرنجية على ما عداه من المرشحين، طالما أن الأخير متمسك بترشيحه.
وعلى المستوى السياسي، عزز ميقاتي التلاقي مع الرئيس نبيه بري من حيث ضرورة إبرام تفاهمات تشمل بالدرجة الأولى قانون الانتخاب، وإنه لا يكفي أن يصبح للبنان رئيس للجمهورية لكي ينطلق عمل المؤسسات، بل ربما يكون انتخاب الرئيس بهذا الشكل «الارتجالي» وبعد القفز بين أسماء عدة تختلف في توجهاتها السياسية الى أبعد الحدود، سبباً في زيادة عامل التوتر والشحن والتعطيل الذي قد يؤدي الى ما لا يحمد عقباه.
وعلى المستوى السني، التقى ميقاتي في موقفه مع عدد كبير من نواب وقيادات وكوادر «تيار المستقبل» الذين لم يبلعوا بعد خيار سعد الحريري الرئاسي، وبالتالي، تمكّن ميقاتي من «دغدغة» مشاعرهم، خصوصاً أن حالة تململ تجتاح «التيار» نتيجة حالة التخبّط السياسي التي يعيشها الحريري، بدءاً من ترشيح فرنجية، مروراً بالانقلاب عليه، وصولاً الى ترشيح عون.. غير المضمون بعد.
واللافت للانتباه أن كثيراً من أنصار «تيار المستقبل» تفاعلوا مع تصريحات ميقاتي على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي من شأنه أن يُحرج الحريري، لا سيما بعد اعترافه ضمناً بالثنائية السياسية السنية بينه وبين ميقاتي والتي ترجمت بتحالف الرجلين في الانتخابات البلدية الأخيرة، ومن ثم زيارة زعيم «المستقبل» الى دارة ميقاتي الجديدة في الميناء في رمضان الفائت.
وفي انتظار ما سيبلغه ميقاتي اليوم الى وفد «التيار الوطني الحر» وما سيدلي به من تصريحات عقب اللقاء، تُطرح في بعض الأوساط تساؤلات حول قدرة ميقاتي على التأثير سنياً على موقف الحريري؟ وهل يتحوّل الى رأس حربة ليستقطب كل المعارضين السنة لوصول عون الى رئاسة الجمهورية؟ وهل يتربّع ميقاتي على عرش المعارضة بما يساهم في انتظام الحياة السياسية القائمة أصلاً على الموالاة والمعارضة؟
لقد أدار ميقاتي ظهره لكل النصائح التي تلقاها في الانتخابات البلدية بعدم تضييع الفرصة وبأن يخوض الانتخابات ضد «تيار المستقبل»، لكنه هذه المرّة، لن يدير ظهره لطرابلس، ويبدو أنه سيكون أول الساعين إلى لمّ شمل شارع رافض لخيار زعيمه الأول، أي الحريري.. خصوصاً أن الانتخابات النيابية باتت على الأبواب.