إرتفعت بورصة أسهم انتخاب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون الى حدها الاقصى اليوم. والى الحد الاقصى ايضاً ارتفع منسوب الغضب لدى الفريق المناهض لهذا الانتخاب وفي مقدمه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي فتح نيرانه السياسية على التسوية التي، ان تمت، ستنقله الى مقلب أشّد انواع المعارضة. وبين الحدين رسائل سياسية تتطاير في كل الاتجاهات.
واذا كان رئيس المجلس الذي يأخذ على الحلفاء ومن “ضحى بالكثير لاجلهم في السياسة وافترق عن آخرين كرمى لعيونهم”، أكثر مما يأخذ على “الخصوم”، تمكن من بوابة التسويات المنسوجة من تمرير الجلسة التشريعية غدا وتأمين الحضور المسيحي من خلال مشاركة نواب تكتل التغيير والاصلاح وبقاء القوات اللبنانية و”الكتائب” وحدهما خارج السرب التشريعي، الاول التزاما بمبدأ ضرورة ادراج قانون الانتخاب بندا اول في جدول اعمال الجلسة، وقد ادرج اخيرا في اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم، والثاني تمسكاً بالدستور لجهة عدم جواز التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، فانه لن يُسلم بحسب ما قالت مصادر سياسية مطلعة للوكالة “المركزية” بهذه السهولة، على رغم اعلانه جهاراً على لسان معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل بأن كتلة “التنمية والتحرير” لن تقاطع الجلسة الرئاسية لكنها ستصوّت ضد العماد عون وتنتقل الى المعارضة. ولعل ما اتبع به خليل حديثه للاعلاميين في المجلس شكل خير دليل الى السلاح الذي سيواجه به بري انتخاب عون اذا قال” ان المشكلة مع العماد عون لا تحل بمجرد زيارة وان الوزير جبران باسيل يتحدث دائما عن الميثاقية وليس عن الوفاق الوطني اي العودة الى ميثاق 1943 والثنائية المارونية- السنية، وهذا ما لن نرضى به وسنواجهه”.
اما موقف حزب الله، فأضافت المصادر انه وعلى رغم الاهمية التي يوليها للحلف الثنائي الشيعي مع بري فإنّه بات محرجاً الى درجة انه سيكون مضطراً للسير بالتسوية الرئاسية بين الحريري وعون، بعدما حشره الاول في زاوية اتهامه بالتعطيل المتعمّد اذا ما دعم مرشحه الرئاسي، وان حسابات الحزب واهتماماته تتجاوز بأشواط هموم الداخل وتفاصيلها الضيقة سائلة من أفضل من العماد عون والوزير جبران باسيل لتسيير مصالح الحزب في لبنان والخارج في هذا التوقيت بالذات؟
وما الغاء الوزير باسيل سفره الذي كان مقرراً اليوم الى استراليا في زيارة تستغرق عشرة ايام، لمواكبة التطورات المتعلقة بترشيح عون لرئاسة الجمهورية ولاستكمال اتصالاته السياسية قبل جلسة الانتخاب الا المؤشر في اتجاه تعاظم حظوظ عون. لكن في المقابل، تبقى الانظار مسلطة على سفر رئيس المجلس الى جنيف يوم الجمعة المقبل لمدة ثمانية ايام وما اذا كان سيرجئ او يلغي مشاركته في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي لمواكبة التطورات الرئاسية ام يبقي عليه، بما يعني هذا الابقاء.
بيد انّ الاجواء التفاؤلية بقرب انتخاب عون عاكستها اوساط سياسية في فريق 14 آذار، اذ ادرجت الضخ الاعلامي في شأن اعلان الرئيس الحريري دعم ترشيح عون خلال ساعات وانتخابه نهاية الجاري في اطار “المتعمد” ليس فقط من جانب التيار الوطني الحر بل ايضا من قبل “المستقبل” الذي اجتمعت كتلته النيابية بعد الظهر للتشاور في الملف، بهدف رفع تهمة التعطيل عن كاهلها وكاهل المملكة. وسألت هل يعقل ان يترك حزب الله حليفه الرئيس بري ليمضي نحو انتخاب عون، ثم واذا تمت الصفقة كيف سيتعاطى الرئيس الحريري من موقع رئاسة الحكومة مع العرب والخليجيين والسعودية تحديدا، بعدما يتم تسليم لبنان ورئاسته لحلفاء ايران؟
الى ذلك، قالت مصادر سياسية تسنى لها الاطلاع على جوانب من لقاءات رئيس دائرة افريقيا والشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية جيروم بونافون مع بعض القيادات لـ”المركزية” انّ المسؤول الفرنسي ابلغ من التقاهم من المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين ضرورة انهاء الازمة الرئاسية فوراً وفي أسرع ما يمكن، لانّ الخطر على مصير لبنان الوجودي بلغ حده الاقصى، محذراً من عواقب وخيمة ستصيب لبنان ان لم يبادروا الى الحل، لان المركب سيغرق بمن فيه. واكد ان المجتمع الدولي لن يستمر في مساعدة لبنان ان لم تعد الدولة اليه. اما في ما يتصل برأي باريس بالحركة الرئاسية، فأكدت المصادر ان فرنسا تشجع كل المبادرات الهادفة الى انتخاب رئيس جمهورية الا انها لا تبدي رأيا في المرشحين، لا تأييدا ولا رفضا، وجلّ ما يهمها وضع حدّ للفراغ قبل فوات الاوان.