كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:
الرئيس نبيه بري هو الرافض الأول لوصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، وسيكون المعارض الأول في «عهد عون ـ الحريري» إذا قام، يذهب بري بعيدا في معارضته الجدية الى حد إظهار استقلاليته وتمايزه عن حزب الله واستعداده لعدم الاستجابة لضغوط ومداخلات ونصائح.
ماذا يريد بري فعلا؟ هل يريد إسقاط ترشيح العماد عون وإعادة تهيئة الأرضية السياسية للرئيس التوافقي والخيار الثالث، واستئناف عملية الحوار من حيث توقفت؟ أم يريد الحصول على ضمانات ومكاسب وتلبية شروطه ومطالبه التي وضعت «في سلة» ثم أعطيت عنوان «تفاهمات»؟ هل يرفض بري رئاسة عون بشكل قاطع ونهائي لأنه يستشعر حصارا وضعفا في ظل معادلة عون ـ الحريري؟ أم انه يرفع سقفه السياسي عاليا والى الحد الأقصى للحصول على ما يريد؟ وهل كان بري ليذهب في هذا الاتجاه والى هذا الحد لولا تفهم ومساندة من حزب الله؟ وهل يجري توزيع أدوار في إطار عملية سياسية منسقة، وما يريده الحزب يمرره من خلال بري؟
مما لا شك فيه أن تأخر عون في التوجه الى بري لمفاوضته والتفاهم معه أعطى بري ذريعة للتصعيد وإظهار «تقصير عون» تجاهه (هناك من يقول ان عون طلب لقاء ثلاثيا يجمعه مع بري ونصرالله وأن يكون السيد حسن ضامنا، وارتأى عون أن يرسل باسيل لمقابلة بري ولكن بري رفض وأحاله الى وزيره علي حسن خليل، ولكن باسيل رفض اللقاء مع خليل).
وربما تكون تفاهمات جبران باسيل مع نادر الحريري حول ترتيبات ومواقع مرحلة ما بعد الرئاسة استفزت بري، ولكن الأكيد أن كلام باسيل عن «إحياء ميثاق الـ 43 وأن يكون ميشال عون وسعد الحريري نسخة وطنية جديدة عن بشارة الخوري ورياض الصلح» هو الذي استفز بري وأثار لديه القلق من معادلة جديدة تحاول إحياء صيغة ما قبل الحرب وتتجاهل تمام المتغيرات والحقائق الجديدة التي ولدت أثناء الحرب وبعدها، وكان أبرزها صعود الطائفة الشيعية لتصبح الطائفة الأقوى على الأرض، ولكن ليس الأقوى في الحكم وحيث حجمها السلطوي غير متناسب مع قدراتها الميدانية.
هذه عينة من كلام منسوب الى الرئيس بري المستعد للانتقال الى ضفة المعارضة وغير المستعد لانتخاب عون.
كلام يقوله بري عبر مصادره في عين التينة: «مبروك، انتصر خيار سعد الحريري، وأعاد مع عون إحياء ميثاق الـ 43 ونحن سنكون خارج السلطة، في صفوف المعارضة».
القوى السياسية التي شاركت في اتفاق الطائف تقول دوما ان الحرب الاهلية وليدة ميثاق الـ 43. وما يقومون به سيؤدي إلى حرب أهلية. ونحن سنقاتل دفاعا عنا وعن حزب الله.
ومشهد النبطية (في ذكرى عاشوراء) سخيف مقارنة بما يمكن ان نقوم به لإسقاط العودة إلى ما قبل الطائف.
ما يقوم به الحريري وعون يستهدف تجربة الشراكة مع الشيعية السياسية بعد اتفاق الطائف، ونحن لن نرضى بالمشاركة في هذه اللعبة. فليعتادوا حكومات يكون فيها حزب الله المؤتمن على حصة الطائفة الشيعية في الدولة.
الحزب يرفض، وهذا الامر ليس سهلا عليه.
والعلاقة بين حركة «أمل» وحزب الله هي في أعلى درجات التماسك.
ونحن نثق جدا جدا بالسيد حسن نصرالله.
وكما قال الرئيس بري «لن نسمح لأحد بأن يدخل بيننا.
نحن مرشحنا الرئاسي سليمان فرنجية. واحترمنا موقف حزب الله الداعم لعون، رغم اننا طرحنا نحو 50 سؤالا على الحزب تتعلق بمزايا كل من عون وفرنجية، وكانت أجوبة الحزب تدل على أن فرنجية أفضل من عون، لكنهم ملتزمون بعون أدبيا.
وكما احترموا موقفنا إلى جانب رئيس المردة، نحترم التزامهم بعون.
نحن والحزب لن نختلف.
ثمة تشنج يظهر على وسائل التواصل الاجتماعي، لكننا مصرون على عدم حدوث مشاكل بين مناصرينا ومناصريهم».
ويعدد معاونو بري أسباب تحفظهم على ترشيح الجنرال «أولا، سليمان فرنجية يطمئننا أكثر من عون. كلام باسيل في مقابلته الاخيرة، وتجنب الحديث عن المقاومة، وطريقة تعليقه على قتال حزب الله في سورية، لا تطمئن.
وفي تفاهمهم مع سمير جعجع، هم ينصبونه وليا للعهد لقيادة الاكثرية المسيحية.
أضف إلى ذلك أن جبران باسيل ونادر الحريري اتفقا على كل شيء.
اتفقا على منح وزارة سيادية للقوات اللبنانية، وعلى النفط، وعلى وزارة المالية، وعلى قيادة الجيش، وحاكمية مصرف لبنان، وعلى ألا يمنح المسيحيون المستقلون أي وزارة باستثناء وزارة واحدة للحريري.
تخيل انهما اتفقا على حكومة ما قبل الانتخابات، وعلى حكومة ما بعد الانتخابات التي ستكون كافة الوزارات المسيحية فيها من حصة القوات والتيار الوطني الحر».
وهنا، تجزم المصادر ذاتها بأن الحريري اشترط الإبقاء على قانون الستين، معبرة عن استياء من الحريري لا يقل عن الغضب على عون.
ألم يقل رئيس المجلس إنه مع سعد الحريري ظالما ومظلوما؟» بلى.
نحن مع «سعد في مواجهة التطرف وأشرف ريفي، لا في العودة إلى ثنائية عام 1943».
ونقلت مصادر عن بري استياءه الشديد من الكلام الذي صدر بشأن ثنائية الحريري ـ عون، وتشبيهها بتحالف رياض الصلح وبشارة الخوري، مشيرة إلى أنه «علق على هذا الكلام بموقف قاس، قائلا: صار جبران باسيل ونادر الحريري هما من يقرران من هو رئيس الجمهورية ومن هو رئيس الحكومة، وأيضا رئيس مجلس النواب، وهما من يوزعان الحقائب والحصص وعليّ أنا أن أوقع لهما على بياض؟».