Site icon IMLebanon

الحريري يخوض مغامرة سياسية بكل ما للكلمة من معنى

كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية: الرئيس سعد الحريري في خطابه السياسي العاطفي معلنا تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، اعترف بأنه يقوم بمخاطرة سياسية كبرى، وأنه يخاطر بنفسه وشعبيته ومستقبله السياسي، ولكنه بدا مستعدا لهذه المخاطرة وتحملها لـ “أحميكم جميعا”. وبدا لو أنه يعرف تماما ماذا يدور في أذهان أنصاره وبماذا يفكرون، وصارحهم بالقول: “أنا أعلم أن الكثير منكم غير مقتنع بما أقوم به، وبعضكم خائف من مخاطره علي، شخصيا وسياسيا، ويشكك، بناء على تجارب الماضي، بنوايا حزب الله الحقيقية بعد إعلاني هذا، ويقول لي: هذه ليست تسوية، هذه تضحية بشخصك، بشعبيتك، وربما بأصوات ناخبين لك في الانتخابات النيابية المقبلة.

ولكل هؤلاء أقول: نعم إنها مخاطرة سياسية كبرى، لكنني مستعد”.. أين تكمن عناصر المخاطرة والخطورة في القرار الصعب والشجاع والمكلف الذي أقدم عليه الحريري مضطرا ومرغما؟! الإجابة عن هذا السؤال تأتي على لسان أوساط بارزة في تيار المستقبل ومعارضته لتوجه الحريري في هذه المرحلة.

هذه الأوساط تعتبر أن الحريري يخوض مغامرة سياسية بكل ما للكلمة من معنى قد تقضي على ما تبقى له من رصيد سياسي وشعبي، وتحدد أسباب القلق في النقاط التالية:

1 ـ الخسارة الأولى والفورية حدثت “داخل البيت” مع ظهور ملامح أول تفكك داخل كتلة المستقبل. فلم يكن قليلا أن يجاهر الرئيس فؤاد السنيورة باعتراضه من داخل بيت الوسط في رد سريع ومباشر على الحريري، وأن يتضامن معه نواب بارزون مثل عمار حوري وسمير الجسر وأحمد فتفت ومعين المرعبي، وأن يحدث ما يشبه التمرد على قرار الحريري المرشح للاتساع والذي سيترجم باقتراع الأوراق البيضاء. فإذا كان ترشيح الحريري لفرنجية كلفه خسارة الوزير أشرف ريفي غير المنتمي الى تيار المستقبل، فإن ترشيحه لعون يكلفه خسارة أكبر ويحدث حالة نزف نيابي وسياسي داخل التيار.

2 ـ يواجه الحريري خطر حصول نزف إضافي في شعبيته المتراجعة أصلا لأسباب كثيرة. فالشارع السني إجمالا لا يستوعب ولا يهضم فكرة ترشيح الحريري للعماد عون، ولا يبدو متقبلا ولا قادرا على التكيف مع هذا الواقع الجديد الذي يخالف في المسار والسياسة والأدبيات كل مرحلة السنوات الـ 10 الماضية.

وتشير المؤشرات الأولية الى أن الشارع السني واقع تحت صدمة هذا الإعلان، وأن الرئيس الحريري أخذ خيارا غير شعبي يصعب تسويقه وإقناع جمهوره به.

3 ـ إذا كان الثمن السياسي الذي يحصل عليه الحريري مقابل سيره بانتخاب عون هو عودته الى رئاسة الحكومة، فإنه “ثمن ضئيل” لا يساوي الكلفة العالية لهذا الخيار، خصوصا أن هذه العودة تتم من دون ضمانات واتفاقات مسبقة على ترتيبات المرحلة المقبلة يجب أن تتم مع حزب الله الطرف الأقوى القادر على إعطاء ضمانات والتزام تنفيذها، فحزب الله وافق على أن يكون الحريري رئيسا للحكومة ويقف عند هذا الحد وسيكون الأمر بحاجة الى اتفاق آخر بشروط الحزب ومتطلباته. ومع انفراط عقد العلاقة بين الحريري وبري وخسارة الحريري لسند مهم في الحكم وما كان يشكله بري من منطقة عازلة (بين الحريري وحزب اهلر)، سيكون من الصعب على الحريري أن يشكل الحكومة إذا قرر بري أن يكون خارجها وتضامن معه حزب الله في هذا الموقف.وإذا أراد الحريري ألا ينفجر لغم التأليف في وجهه ولا يصل الى الاعتذار، سيكون مضطرا لقبول الشروط الصعبة للثنائي الشيعي.

4 ـ الحريري يصعب عليه أن يشكل الحكومة وإذا شكلها يصعب عليه أن يحكم. وإذا حكم ليس هناك ما ومن يضمن استمراره في الحكم. ففي الانتخابات النيابية المقبلة سيواجه انتخابات صعبة في ظل شعبية متراجعة، وسيكون معرضا لخسارة حتمية لا يمكن تحديد حجمها من الآن. وإذا خرج من هذه الانتخابات خاسرا فلن يبقى رئيسا للحكومة.

5 ـ الحريري وقع في خطأ تقدير هذه المرة أيضا. في المرة السابقة عندما رشح فرنجية كان الخطأ في تقدير ردة فعل حزب الله، إذ كان الحريري يعتقد أن حزب الله لن يفرط بهذا العرض المغري، وأن فرنجية يمون على الحزب، وما كان ليقدم على الاتفاق معه لولا حصوله على ضوء أخضر وتأييد ضمني من حزب الله. والآن الخطأ يكمن في تقدير رد الفعل الإقليمي.

هل هذه المخاوف والهواجس عند أوساط “مستقبلية” في محلها؟! وكيف يتعاطى معها الحريري ويرد عليها؟!