كتبت رولا حداد
بعد حوالى 4 أعوام على نشوء “داعش” تيقّن الجميع أن هذا “الوحش” الذي سعت أجهزة كثيرة لإعطائه دور البطولة في الفيلم الذي يضرب المنطقة، لم يكن في الحقيقة أكثر من “وحش كرتوني” ينهار أو ينتهي دوره حين يقرّر أصحاب الشأن ذلك.
ظهر “داعش” فجأة أولا في العراق، وثانياً في سوريا، وذلك نتيجة مصدر واحد هو السجون الأسدية التي لطالما كانت تصدّر الإرهابيين والانتحاريين الى العراق، واتهامات نوري المالكي في هذا الصدد للنظام الأسدي لا تزال مائلة للعيان، والى لبنان أيضاً الذي لم ينسَ للحظة بدعة “فتح- الشام” من بطولة شاكر العبسي الذي لا يعلم أحد حتى اليوم كيف وأين اختفى، وإن كانت كل الفرضيات ترجّح تصفيته لاحقاً في سوريا على يد النظام.
وكما ظهر “داعش” فجأة واحتل مناطق كثيرة بالتعاون مع الأنظمة القائمة ومن دون أي معارك تُذكر، سواء في العراق حيث كان عشرات الآلاف من جيش المالكي ينسحبون من دون قتال أمام حفنة من مقاتلي “داعش”، أو في سوريا حيث تحدثت تقارير كثيرة عن قيام ضباط المخابرات الأسدية بإدارة عمليات “داعش” لمواجهة الجيش السوري الحر وأطياف المعارضة السورية، هكذا أيضاً ينهار “داعش” بسحر ساحر وبقدرة قادر، وبفعل انسحاباته التدريجية من كل المناطق التي يسيطر عليها وكانت تُعتبر من معاقله، وذلك من دون قتال أو مقاومة!
في المقابل، وبدافع المقارنة البسيطة، تصمد قوى المعارضة السورية الحقيقية في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، ورغم الحصار الشديد، أمام غارات جوية روسية- أسدية طوال أشهر، ورغم استعمال الجبار الروسي كل أنواع السلحة الفتاكة. ورفض المقاتلون كل عروض الانسحاب ويصرّون على المقاومة الحقيقية لأنهم أبناء الأرض.
مع الخسائر المتتالية التي تصيب “داعش” ثمة أسئلة كثيرة وكبرى تُطرح على الطاولة من دون أن تلقى حتى اليوم أي إجابات واضحة:
ـ كيف تمكن “داعش” من احتلال مناطق واسعة من سوريا والعراق من دون أن يمتلك طائرات حربية أو دبابات أو مدافع ثقيلة، وبالكاد كان مقاتلوه يتنقلون بسيارات مدنية رباعية الدفع؟
ـ لماذا أمضى “التحالف الدولي” اكثر من سنتين ينفذ غارات جوية تكاد تكون وهمية على مناطق سيطرة “داعش”، في حين كان واضحاً منذ اللحظة الأولى أن هذا التنظيم يتهاوى كالورق بمجرد القيام بأي عملية برية؟
ـ من كان وراء تعظيم قوة هذا التنظيم عبر الإصرار على نشر فيديوهات مرعبة وعنيفة عن عمليات الذبح والقتل بشتى الطرق البدائية إنما المثيرة للرعب في نفوس المشاهدين لتلك الأفلام “الهوليوودية” والتي كان يتم تنفيذها بحرفية تصويرية عالية تؤكد اليوم أن مهارات “داعش” أو من وراءه كانت تكمن في التمثيل والإخراج والتصوير والمؤثرات السمعية والبصرية وليست أبدا في ساحات القتال، وأن عتاده كان يتمثل في الكاميرات الحديثة التي كانت تمثل سلاحه الفعلي في معاركه الوهمية وليس أبداً بعدد دباباته ومدافعه وطائراته؟
الأسئلة لن تنتهي هنا ولا اليوم، ولكن الخلاصة الأساسية تكمن في أن المسرحية قاربت على نهايتها وستسقط بعدها أدوار كثيرة، تماما كما ستسقط نظرية “لولا قتال داعش في سوريا لكان أصبح في جونية”، لأن كل أصحاب هذه النظريات إنما لا يشكلون أكثر من “كومبارس” وأبطال ثانويين في “الفيلم الكرتوني الطويل” الذي أنتجته وأخرجته أجهزة استخبارات دولية وإيرانية.