Site icon IMLebanon

تصميم روسي على إسقاط حلب.. ولكن

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

تبدو روسيا محور الحركة السياسية الدولية المتعلقة بالوضع السوري، لكنها لن تتراجع عن استراتيجيتها في سوريا وعن السياسة التي رسمتها حيال التعاطي مع هذا البلد، تحت أي ظرف، وخصوصاً في موضوع حلب. فثمة تصميم روسي على إسقاط المدينة مهما كلف الأمر، بحسب مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو.

وتؤكد المصادر أن روسيا تستفيد حالياً من الظرف الدولي السائد لتعزيز توجهها في سوريا، فالإدارة الأميركية مشغولة بالانتخابات الرئاسية، وهي عندما كانت في عزّ نشاطها لم تتدخّل في سوريا، ويستبعد أن تتدخّل في هذه المرحلة، إذ من الصعب أن تقوم بتغييرات جذرية في سياستها في مرحلة الانتخابات والمرحلة الانتقالية إلى حين تسلّم الإدارة الجديدة ولايتها في 20 كانون الثاني المقبل. ويجب الانتظار حتى الربيع المقبل لبدء الإدارة الجديدة ببلورة أي توجهات معينة، بعد أن تكون قد درست الملفات.

وتعتبر روسيا أيضاً أن الأوروبيين لن يقفوا في وجهها، ويصف بعض خبرائها أوروبا بأنها باتت “القارة العجوز” إذ ليس لها قرار في الملفات العالقة. وتشعر روسيا في هذه المرحلة بأن لا شيء يتهدد مصالحها، ولا عقبة أمام طموحاتها، وخصوصاً بعد الاتفاق مع تركيا حول تقاسم الأدوار في سوريا، حيث تغض النظر عن الدور التركي. وتركيا أيضاً تحترم مصالح روسيا في سوريا.

وبالتالي، تستطيع روسيا، وفقاً للمصادر، أن تعزز مواقعها العسكرية، وتمسك بخيوط اللعبة أكثر من أي وقت مضى، وهذا ينطبق على التعاطي مع حلب تحديداً. ولكن في النتيجة لا تستطيع روسيا وحدها أن تنهي الأزمة السورية حتى لو أسقطت حلب، ولو كان ذلك لمصلحة النظام الذي تدعمه.

الحرب السورية، بحسب المصادر، مرشحة لأن تستمر سنوات. ويهم روسيا تعزيز مواقعها، ووجودها هناك بأقل كلفة ممكنة، من أجل أن تحفظ مصالحها في أي حل أو تسوية لاحقاً.

ولا تزال المصادر تستبعد أي ضربة أميركية للنظام، والإدارة كانت انسحبت من أي ضربة له، في أوج التثبت من استعماله السلاح الكيماوي. وبالتالي لن تورط الإدارة الحالية، الادارة المقبلة بأي خطوة، من هذا النوع، وهي التي يجب انتظار سياستها حول سوريا. حتى إن التهديدات البريطانية للنظام، ليست فاعلة. ولو أن واشنطن والغرب يستشعران الفشل، لكانا سلّحا المعارضة السورية بالسلاح النوعي ما يساعدها في تحقيق مكاسب على الأرض، واتخاذ المبادرة، ولا سيما أن لدى المعارضة العنصر البشري الكافي للقيام بالحرب.

المصلحة الأميركية البعيدة المدى هي في إطالة عمر الحرب السورية قدر الإمكان، وهذا يشكل مصدر خوف حقيقي، لأن الغرب كله لو أراد إنهاء الحرب لكان فعل ذلك.

لكن سقوط حلب يلزمه أشهر، وفي الوقت نفسه لا يعني ذلك انتهاء الحرب. وستبقى حالة سوريا مستمرة، والحل غير متوافر لأن المصالح الأميركية والروسية لم تلتق بعد، وهذا يخدم في شكل من الأشكال مصلحة إسرائيل. فالمرحلة مرحلة تقطيع وقت. وإذا لم ينجح الروس والأميركيون في الاتفاق حول الوضع السوري، فلن تستطيع الأمم المتحدة القيام بذلك، إذ إن أي حل يجب أن يحظى بدعم أميركي – روسي. وكل هدنة تتلو هدنة، ولو لم تصمد، إنما الهدف الانتظار إلى حين تسلّم إدارة جديدة في الولايات المتحدة، حيث الآمال معقودة على فوز المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، التي تتحدث عن حظر الطيران، ووضع حدود أمام الأداء الروسي في سوريا، أي أنه إذا طبّقت كلينتون ما تقوله فهذا جيد، فضلاً عن أنها ليست على علاقة جيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ أن كانت وزيرة خارجية. إن إيجاد حل للوضع السوري ليس أمراً سهلاً، وكلما طالت الحرب، ازدادت الصعوبات وكثرت التعقيدات.