بات انتخاب رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون رئيسا للبلاد مكتمل المقومات وشبه محسوم، الا اذا طرأ طارئ في ربع الساعة الاخير، واستجد ما يعوق مسار التوافق الداخلي السائر بقوة نحو الهدف في جلسة 31 الحالي، فإن معظم القوى السياسية، باستثناء جبهة مؤيدي ترشح رئيس تيارالمردة النائب سليمان فرنجية بزعامة الرئيس نبيه بري، سلّمت بوصول “الجنرال” كخيار وحيد لانهاء زمن الفراغ المتربع على عرش بعبدا منذ ما يناهز العامين ونصف العام. واذا كان المُسَلِمون منقسمين الى فريقين، الاول عن قناعة والثاني التزاما بالمصلحة الوطنية او اي مصالح أخرى، فإن قافلة المنضمين الجدد الى قطار تأييد عون وفي مقدمهم تيار المستقبل يعتبرون ان انتخاب العماد عون تحول من مشكلة الى مكسب سياسي بالاستناد الى الاتفاق الذي أنتج التأييد، والمرتكز بحسب كلمة الرئيس سعد الحريري الخميس الماضي الى ستة بنود اعلن من بينها الابرز والاهم، بحسب ما تقول مصادر عليمة في فريق 14 آذار، الا وهي تحييد لبنان بالكامل عن الازمة في سوريا وعزل الدولة عنها، وعدم طرح اي تعديل على النظام قبل اجماع وطني.
وفي هذين البندين بالذات، تؤكد المصادر انها حققت انجازا اساسيا تمكنت عبره من استمالة عون الى مقلب مؤيدي خيار الدولة وشعار ثورة الارز المرتكز الى ابقاء لبنان في منأى عن الصراعات الخارجية والتمسك باتفاق الطائف نصاً وروحاً. وتشير الى كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في اعقاب زيارة بيت الوسط حيث اكد “ان 14 آذار باقية ولكنني لا ادري إن كان هناك بعد 8 آذار، ومشروع 14 مستمر وانا متفائل به”.
وتضيف المصادر ان مجرد التزام عون ببنود اتفاق الرابية – بيت الوسط وتفاهم معراب بنقاطه العشر، وخصوصا ما يتصل منها بضبط الاوضاع على طول الحدود مع سوريا بالاتجاهين، يعني ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح ليس نفسه رئيس الجمهورية بالمعنى السياسي، فـ”الجنرال” بعد انتخابه سيكون رئيسا لكل اللبنانيين، ساعيا لتطبيق ما اتفق عليه مع من أوصله الى سدة الرئاسة الاولى.
لكن جبهة المعارضين للخيار العوني في فريق 14 آذار، تدعو الى عدم المغالاة في التفاؤل والذهاب الى حيث ليس في استطاعة عون، ولو اراد، ان يصل. وتتساءل: هل انه قادر بالسهولة التي يصورونها على اعادة حزب الله من سوريا وحبر مواقف امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله امس لم يجف بعد لجهة تأكيده ان لا عودة من سوريا الا بعد تحقيق النصر؟ وتشير الى ان عون لا يمكن ان يترك مربع 8 آذار سياسيا وهو من لم يخلّ ببند من بنود ورقة التفاهم مع الحزب، ولو انه كرئيس للبلاد مضطر الى الاطلالة بمظهر سياسي جديد جامع.
وفيما تبقى العبرة في التنفيذ، تلاقي اوساط في فريق 8 آذار اصحاب هذه النظرية بالقول ان مهما حاولت مكونات 8 آذار التخفيف من وهج خسارتها بوصول مرشحنا الى الرئاسة، فان الوقائع تثبت العكس والرهان على نقل عون الى مشروع 14 خاسر حكما لان مسيرته لن تسلك درباً معاكساً لمشروعنا الجامع ولا خريطة طريق جديدة كما يحاول ان يشيع انصار هذا الفريق، فجبهة 8 آذار وعلى رغم بعض التباينات الداخلية ما زالت متماسكة خلافا لحال 14 آذار التي يغنّي فيها كل مكون على ليلاه واعادة جمعها من سابع المستحيلات بعدما اعترى جسدها من وهن واصابات في المقتل.