كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
في الآونة الأخيرة، تجنّب وزير العدل المستقيل أشرف ريفي «فتح مشكل» إضافي مع الرئيس سعد الحريري. لكن «مشكل» لافتات طرابلس وتحرّك أنصار ريفي المعارض لتبنّي رئيس «تيار المستقبل» لترشيح ميشال عون للرئاسة أخرج «اللواء» عن قواعد اللعبة التي رسمها لنفسه متّهما الحريري مجددا بالانحراف عن خط «شهدائنا الكبار»، معتبرا ان «من ينتخب العماد عون أو أي مرشح للوصاية الإيرانية والأسدية، إنما يغتال الشهداء مرة ثانية».
بعد إطلاقه قنبلة «الحريري انتهى سياسياً»، ترك ريفي لمستشاره الإعلامي أسعد بشاره كتابة مقالة «توضيحية» سَرَد فيها مفاصل العلاقة بين الرجلين وتبرير ما قيل على لسان «اللواء»، ليخلص الى التذكير بأنه منذ اليوم الأول لفوزه في انتخابات بلدية طرابلس قال: «يدي ممدودة الى الجميع».
لكن ريفي، لا يلقى سوى الضربات من كل الجهات، ولم يزد الطين بلّة سوى سعي بعض «المقرّبين من الحريري، برأيه، تسعير النار بينهما».
مَن يلتقى ريفي مؤخراً، يلمس حرصه على تحييد الحريري في مقابل فتحه النار على وزير الداخلية الذي لم يتوانَ، وفق وزير العدل المستقيل، عن فتح «لينك» مباشر بينه وبين بعض ضباط «فرع المعلومات» في طرابلس يأتمرون بأوامره من دون المرور برئيس الفرع العميد عماد عثمان، بهدف التضييق على ريفي ومحاصرته.
يقول ريفي: «أنا والمشنوق نموذجان متمايزان. أنا مبدئي.. وهو «مصلحجي».
مضبطة الاتهام الريفية هي على الشكل الآتي: لا شيء يتمّ من دون علم سعد الحريري وبإيعاز منه. المشنوق «يدير» القرار السياسي باستهدافي و «آخر نموذج» نزع اللافتات في طرابلس، ابراهيم بصبوص (مدير عام قوى الأمن الداخلي) «درويش»، عماد عثمان ينفّذ ويكفي ما كان يقوله اللواء الحسن عنه بأنه «غير مؤهّل للقيادة»، وضمن «فرع المعلومات» حلقة صغيرة جدّاً من الضباط تتصرّف وفق العقلية السورية.
أرسل ريفي بعد الانتخابات البلدية الأخيرة، وفق مصادره، مراسلات رسمية عدّة إلى عماد عثمان يفيده فيها بتجاوزات يرتكبها «الفرع» بحق مناصريه ومؤيّديه في الشمال، لكن التمادي في التجاوزات كان هو الجواب على هذه المراسلات، وهو يقول: «باتت تتحكّم ببعض ضباط المعلومات، العقلية السورية الأمنية، فيما وظيفة «الفرع» أصلاً قامت على أساس مفهوم الدولة بوجه الدويلة».
لا يتوانى ريفي عن التأكيد «إذا كان وزير الداخلية يريد إلى هذا الحدّ استرضاء «حزب الله»، فحكماً سيكون لدينا موقفٌ»، قائلاً: «هذه خيانة لأمانة وسام الحسن ولجهودي في المديرية سابقاً، ولشهادة وسام الحسن ووسام عيد وللمحكمة الدولية».
بدأ الأمر، برأي ريفي، منذ عمليات التعذيب التي طالت الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية «فنحن قاتلنا «فتح الإسلام» لكن حين أوقفناهم لم يتجرّأ أي عسكري على إهانتهم، وصولاً الى القرار بمحاصرتي و «هذا ما حاولوا فعلاً القيام به خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث تجنّد الجميع لإسقاطي وفشلوا»، وكل ذلك من أجل تقديم أوراق الاعتماد لـ «حزب الله».
وفق ريفي «مش شغلة» المشنوق، عبر «شعبة المعلومات»، التدخّل لمنع تعليق الصور واللافتات ونزعها، وتوقيف الدراجات وضبط المخالفات وتهديد المؤيّدين لي، وحتّى اعتقال المطلوبين بجنح، كما فعلوا مع أحد المحسوبين عليّ حيث أوقفوه واقتادوه من منزله بثيابه الداخلية بتهمة إطلاق نار».
في اعتقاد المحيطين بريفي «أن خصومه في «المستقبل» خاب أملهم بعد ورود تقارير أمنية للحريري والمشنوق بأن ريفي سينتهي في ليلة الانتخابات البلدية في طرابلس، لكن النتيجة أتت عكسية».
يقول ريفي إن «شعبة المعلومات جهاز تعبت عليه أنا ووسام الحسن، لكنها تتحوّل الآن الى أداة بيد المشنوق الذي انحرف عن الأصول المسلكية والوطنية والمؤسّساتية»، مؤكّداً أنه «لا يمكن تصفية الحسابات معي».
لكن هل لا يزال ريفي يَمون على الجهاز الذي «تعب عليه»، كما يقول؟ لا يتوانى ريفي عن تأكيد «أن لا سلطة لوزير العدل على «الفرع» لكن الأوفياء كثر»!
جواب المشنوق المقتضب (في جلسة 6 تشرين الاول) على ريفي الذي اتهمه بإخفاء نتائج التحقيق باغتيال الحسن لم يُشفِ غليل وزير العدل، فالأخير يؤكّد «أن ثمّة خيوطاً توصّلت اليها «الشعبة» فعلاً أثناء وجوده في المديرية، ثم «طوّرها» لاحقاً ضباط «المعلومات» وهمّ يملكون كل التفاصيل التقنية وقد أبلغوني بذلك».
وهذا ما انعكس صراحة، يضيف ريفي، من خلال خطاب المشنوق في الأونيسكو في الذكرى الثانية لاستشهاد الحسن حين أكّد بالحرف الواحد: «اننا على قاب قوسين من اكتشاف الجريمة، «ولو زعِل عماد (عثمان)»، يمكن حصلنا على الصورة ويبقى الصوت، والتحقيقات ستعلن في الوقت المناسب وأنا مسؤول عن كلامي».
ويتساءل ريفي: «لماذا تراجع المشنوق عمّا أعلنه سابقاً بقرب الإفراج عن التحقيقات، ولماذا محاولة اللفلفة في قضية هاشم السلمان (قتل أمام السفارة الإيرانية في العام 2013)».
وردّاً على من يلوّح بإمكان سحب الحماية منه، يقول ريفي: «هل يتحمّلون مسؤولية هدر دمي؟»، مؤكّداً «أن هذا الموضوع طلب فعلاً، لكنهم نُصِحوا من جانب مسوؤل أمني كبير بألا يكرّروا هذا الطلب، لأنه سيحمّلهم مسؤولية وطنية بكشفي أمنياً».
وعن «نوعية» العلاقة التي كانت تجمع ريفي بالحسن، يؤكّد ريفي أنها «كانت علاقة رئيس ومرؤوس، وبالعسكر الرئيس هو الذي يوقّع، كما أنها شهدت تناغماً كبيراً في المراحل كافة، الأمر الذي يفسّر حجم الإنجازات التي قمنا بها سوياً، فيما الحسن كان نموذجاً في الانضباط والاحترام، ولم يكن يقطع خيطاً من دون أن يُعلمني».