كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:
برغم اهمية الملتقى البرلماني الدولي الذي يحضره الرئيس نبيه بري في جنيف، إلا أن ملف انتخابات رئاسة الجمهورية فرض نفسه بندا أساسيا من خارج جدول الاعمال، أقله بالنسبة إلى «لبنانيي جنيف» الذين حاولوا الاستفادة من وجود رئيس المجلس بينهم لاستشراف المرحلة المقبلة.
وفي اليوم الثاني لوصوله إلى سويسرا، بدا بري هادئ المزاج، مطمئنا إلى قدرته على التوفيق بين واجبه الدستوري كرئيس للمجلس، وبين خياره السياسي المعارض لانتخاب العماد ميشال عون رئيسا، وبدا كأنه شرع في حياكة خيوط الخطة «ب» التي سيواجه بها مرحلة ما بعد الانتخاب.. إذا تم.
وللمرة الأولى بعد لقائه الأخير مع عون، كشف بري عن بعض ما دار في اللقاء، موضحا أنه أبلغ «الجنرال» صراحة نيته عدم انتخابه، لكنه أكد له في الوقت ذاته أنه لن يعطل نصاب جلسة 31 تشرين الأول برغم امتلاكه القدرة على تعطيله. ولئن كان بري واضحا في قراره بعدم التصويت لعون، غير أنه تعمد أن يترك مساحة من الغموض المطاط في معرض رده على سؤال حول ما إذا كان سيسمي سعد الحريري لرئاسة الحكومة، مكتفيا بالقول: «خليها لوقتها».
بري أراد، ومن باب التذكير، المقارنة بين ما طرحه في ما أسميت «سلة التفاهمات» وبين ما يسمعه الجميع عن اتفاق قد حصل. وقال في دردشة مع الوفد الاعلامي المرافق: «لقد سبق ان دعوت الى التفاهم حول تشكيل الحكومة ووضع قانون جديد للانتخاب على ان يبدأ التنفيذ بانتخاب رئيس الجمهورية. وها نحن اليوم وفق الاتفاق الذي عقدوه نجد ان هناك تفاهما على اسم رئيس الحكومة، ولا احد ينكر ذلك، كما ان هناك اتفاقا وفق ما يتردد على تشكيل الحكومة من 24 وزيرا وتوزيع بعض الحقائب، بل يقال ايضا إن ثمة اتفاقا غير معلن حول الابقاء على قانون الستين. بينما كنت اركز في طرحي على ضرورة الاتفاق على قانون انتخابي جديد وتشكيل الحكومة ولا نقدم على شيء من هذا كله قبل انتخاب رئيس الجمهورية أولا.
ويتساءل بري: الآن اتفقوا على رئيس جمهورية، فماذا بعد الرئيس؟ اذا جرى تكليف الحريري تشكيل الحكومة ووصلنا الى التأليف، فانا اعتقد انه سيستغرق على الاقل بين خمسة وستة اشهر بحيث نكون قد وصلنا الى الانتخابات النيابية، وعندها نصبح امام المشهد الآتي: رئيس جمهورية بلا حكومة، ورئيس مكلف من دون تأليف، وحكومة تصريف اعمال، ومجلس نواب ممدد له، وبطبيعة الحال، فان المتضرر الاكبر من هذا الواقع هو رئيس الجمهورية الجديد، الذي سنكون في اول عهده امام قانون للانتخاب لا احد يريده، علما ان «قلوبهم معه وسيوفهم عليه» كما سبق أن قلت. وهذا كله سيؤدي الى امتصاص زخم العهد، مع الاشارة الى ان الاهم من العرس هو شهر العسل واكل العسل». وردا على سؤال، اجاب: ليكن معلوما انني لن اقاطع جلسة انتخاب الرئيس المقبلة، كما لم اقاطعها سابقا. وقد قلت للعماد عون ان تعطيل النصاب في جيبتي الكبيرة لكنني لست انا من يلجأ الى تعطيل النصاب. لم افعلها مرة ولن افعلها.
ويضيف بري: خلال لقائي مع العماد عون قلت له إنني سأنزل الى الجلسة لكنني مع تقديري لك لن انتخبك ولا يعني ذلك ابدا انني اكرهك، فاجابني: «احترم رأيك ونبقى اخوة».
وسئل عما اذا كان سينتخب النائب سليمان فرنجية، فاجاب: «طبعا ما دام مستمرا في ترشيحه».
وفي حين اكد استعداده للانتقال إلى صفوف المعارصة، شدد على أن هذا لا يعني انني لن انزل الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، «لأنني أميز بين المعارضة المشروعة وتعطيل النصاب نكاية بمرشح معين، موضحا انه سيعارض حيث يجب، وسيوافق الموالاة حيث يجب، انطلاقا من قاعدة المعارضة البناءة».
وقيل له: من الصعب التخيل انك ستصبح في المعارضة؟ اجاب: «هناك اجسام تلبس كل الاثواب».
«جستا اللبناني»
وكان بري قد ترأس امس الاجتماع التشاوري لاتحاد مجالس دول منظمة التعاون الاسلامي، حيث اعتبر «ان علينا العودة الى قبلتنا الاولى، فلسطين والقدس»، وقال ان «الشيء الوحيد الذي يذكرنا اليوم بفلسطين هم فتية فلسطين الذين يتصدون لقوات الاحتلال الاسرائيلي بالسكين».
وقدمت رئيسة مجلس الشعب السوري هدية عباس اقتراحا باعتماد بند طارئ ضد العقوبات التي تتعرض لها سوريا وتأثيرها على الشعب السوري وحقوق الانسان، كذلك قدم الوفد السعودي اقتراحا ضد القانون الاميركي «جستا» معتبرا انه يشكل انتهاكا سافرا لسيادة الدول. كما قدم الوفد المغربي اقتراحا بالتأكيد على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
وقال بري ان كل هذه الاقتراحات تتلاقى تحت عنوان حماية سيادة الدول، مضيفا: ان «جستا» مطبق عمليا على نصف الشعب اللبناني من دون قانون اذ ان اهم عامل اقتصادي مساعد للبنان هو تحويلات المغتربين التي تقدر بين 7 و8 مليارات دولار، ومنذ حوالى خمس سنوات نواجه ضغوطا متزايدة وحصارا يشبه الحصار القائم او الذي تتعرض له بعض الدول العربية.