كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:
شكلت انتهاكات حقوق الإنسان محور نقاشات الاتحاد البرلماني الدولي الذي افتتح، أمس، أعمال دورته الـ135 في جنيف.
ولأن العالم العربي يتخبط في الحروب والويلات التي تلتهم البشر والحجر والتاريخ والجغرافيا، فقد كان لافتا للانتباه أن العديد من الوفود العربية تنافست على إبراز حجم الانتهاكات لحقوق الإنسان في دولها، إما نتيجة الإرهاب التكفيري والعقوبات الدولية كما هي حال سوريا، وإما تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي كما هو وضع فلسطين المحتلة، وإما بفعل العدوان الخارجي كما يحصل مع اليمن، وإما ربطا بإجراءات يعتبرها البعض جائرة كما هو موقف السعودية من قانون «جاستا» الأميركي.
وقد حاول الرئيس نبيه بري بصفته رئيسا للاتحاد البرلماني العربي تقريب المسافة بين آلام العرب، على قاعدة أن المصيبة تجمع، لكن العداوات والحساسيات المتبادلة منعت الضحايا من أن يتكتلوا، فاختلفوا على «أفضلية المرور» وترتيب الأولويات، علما أن بري استخدم كل خبراته في «الديموقراطية التوافقية» لمحاولة تدوير الزوايا وإقناع المشاركين بالاصطفاف حول بند طارئ واحد، يوفق بين كل الهموم والهواجس، ويجري رفعه باسم الكل الى الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي، فلما تعذر ذلك بسبب تمسك كل وفد بمطلبه، قال لهم ما قاله للعماد ميشال عون في بيروت: حسنا.. فلنتفق على الاختلاف.
في مستهل كلمته أمام الاتحاد الدولي، توقف بري عند الانتهاكات الاسرائيلية اليومية لحقوق الشعب الفلسطيني، واستمرار تشريد الملايين من أبنائه والاستيلاء على أرضه وإقامة المستوطنات والجدار العازل والتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى والعمل على تهويد القدس وتحويل المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة الى معتقل كبير. إضافة الى الاعتقالات اليومية التي تطال الأطفال والنساء. كما توقف عند الوضع الإنساني الناجم عن الحروب في الشرق الاوسط والارهاب القائم، لافتا الانتباه الى ان احدى نتائج هذه الحروب هو النزوح الذي طال لبنان الذي يستقبل ما يوازي نصف عدد سكانه.
واعتبر بري ان الحل الأساس هو قيام البرلمانات بجهود من أجل صنع حلول سياسية تضمن الاستقرار في البلدان المضطربة والوصول الى حل عادل وشامل بدءا بالقضية الفلسطينية. ودعا الى بناء وصنع حلول سياسية للمسائل السورية واليمنية والليبية، بمشاركة جميع الأفرقاء في إنتاج نظامهم السياسي واعتماد النظام الديموقراطي البرلماني، مع الأخذ في الاعتبار دائماً الصناعة الوطنية للديموقراطية.
وطالب البرلمانات بدعم لبنان في كل المحافل لمواجهة الأزمات الناتجة من وجود ما يوازي نصف عدد سكانه من النازحين، وضمان وقف التدخلات في الشؤون الوطنية للدول، ومكافحة الإرهاب العابر للحدود وتجفيف مصادره.
وأكد ضرورة ضمان حقوق الأقليات داخل الدول عبر قوانين ملزمة، داعيا الى:
1 ـ التزام السياسات الوطنية بشرعة حقوق الإنسان الدولية وإقرار خطط وطنية لحقوق الانسان في كل مجالات الحقوق، بما فيها حقوق المقيمين فوق اراضي الدول.
2 ـ إنشاء آلية رقابة وطنية وجهوية من الاتحادات البرلمانية للمراقبة.
3 ـ دعم زيادة مشاركة المرأة في صنع كل ما ينتج حياة المجتمعات والدول، وصولاً الى صوغ مشاركة كاملة تؤدي الى نشوء الحكم الرشيد.
4 ـ اعتبار تعزيز الديبلوماسية البرلمانية كأولوية لاتحادنا، لأن ديبلوماسية الحقائب السود الحكومية لم تعد مجدية، والديبلوماسية البرلمانية من شأنها العمل على تعزيز الحقوق الإنسانية والرقابة ضد انتهاكها.
وعقد بري لقاءات عدة على هامش أعمال الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي امس، حيث استقبل رئيسة مجلس الشعب السوري هدية عباس، رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال، رئيس الوفد الفلسطيني عزام الاحمد، نائب رئيس مجلس النواب الإندونيسي سردار أياز صادق.