كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:
يبدو واضحا أن الرئيس نبيه بري قرر الفصل بين معارضته لخيار انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية ومشاركته في جلسة الانتخاب التي ستعقد في 31 تشرين الأول. ووفق الإشارات المنبعثة من مقر إقامة بري في جنيف، فإن الجلسة ستلتئم في موعدها والرئيس سيولد على «سريرها»، وبري سيهنئه ثم سيعود الى المعارضة «مسقط رأسه» الذي غادره منذ عقود.
وإذا لم تنجح مساعي ربع الساعة الأخير في تعديل موقف رئيس المجلس وإقناعه بالانضمام الى سرب داعمي عون، فإن ذلك يعني أن اختبارات سريعة ستكون في انتظار «الجنرال» ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مع بداية العهد الذي ستنتظره في هذه الحال واحدة من أسرع المعارضات وربما أصعبها، إن صمم بري على الانخراط فيها أو قيادتها.
ربما يكون بري قد خسر «مباراة الذهاب» مع فوز «الجنرال» بالرئاسة بفعل «الهدف الذهبي» الأخير الذي سجله الحريري، لكن العارفين بطباع رئيس المجلس يتوقعون أن يستعيد المبادرة في «مباراة الإياب» التي ستُلعب على أرضه السياسية، لا سيما عندما يحين أوان حسم قانون الانتخاب أو تشكيل الحكومة المقبلة.
يوحي بري بأن شياطين الملفات العالقة لن تدع الحكم الجديد يهنأ بـ «شهر العسل»، وأن الكثيرين ممن عارضوا سلته سيعرفون قيمتها مع مرور الوقت، وأولهم الرئيس المنتخب. بل إن بري ذهب في تقديراته الى حد القول من جنيف إن مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس ستكون لـ «الجهاد الأكبر» المتعلق بالاستحقاقات اللبنانية.
كلام بري أتى خلال مأدبة العشاء التكريمية التي أقامتها على شرفه سفيرة لبنان لدى الأمم المتحدة في جنيف نجلا عساكر، وشارك فيها النواب: ياسين جابر، باسم الشاب، وجيلبرت زوين، والوفد المرافق، وسفير الجامعة العربية في باريس بطرس عساكر، والقائم بالأعمال اللبناني في برن منصور شيّا، وعدد من أركان الجالية اللبنانية في سويسرا.
وبعد كلمة ترحيبية لعساكر، ألقى بري كلمة قال فيها: نحن على بعد خطوات إن شاء الله من انتخاب رئيس للجمهورية في 31 الشهر الجاري، آملين أن تتحقق هذه الخطوة لأن لبنان بحاجة ماسّة اليها، من دون الدخول في الحساسيات التي عوّدتنا دائما أن تؤخر أمورنا لدرجة أننا أصبحنا منذ أكثر من سنتين ونصف سنة من دون رئيس للجمهورية.
وأضاف: طبعا، هذا الأمر وحده ضروري ولكنه غير كاف، لأن بعده هناك الجهاد الأكبر المتعلق بالاستحقاقات اللبنانية خصوصا، وهذا رأيي منذ زمن، في ما يتعلق بقانون انتخاب يقوم على العدالة بالنسبة للمرأة، ونحن مضطرّون لأن يكون هناك كوتا للمرأة اولاً، وفي الوقت ذاته يكون قائماً على النسبية لنصل الى مستوى حضاري معيّن ونخطو خطوات تخفّف من الطائفية وتحافظ على الطوائف لأن الطوائف شيء والطائفية شيء آخر.
وتابع: علينا ايضاً ألا ننسى أن الأزمات التي تحيط بنا وبمنطقتنا، جعلت من لبنان منزلا في حديقة والنار تشتعل حولنا، وقد تدخل النار الى بلدنا عبر أي شجرة أو غصن يابس، ونحن نتحمّل لأول مرة في التاريخ ما لم يتحمله شعب أو دولة من جرّاء وجود ما يوازي نصف عدد سكان بلدنا من لاجئين ونازحين، وهذا الأمر يشكل خطراً، إضافة الى الموضوع الاقتصادي أو التعليمي أو الاجتماعي.
وشدد على أن كل هذه الأمور تنتظر معالجات وبالتالي إحياء المؤسسات التي عطّلناها بأيدينا، «وأهمّ من هذا كله الحفاظ على ثروة لبنان الحقيقية التي هي الإنسان أي أنتم».
وكانت أعمال الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي قد تواصلت أمس في جنيف، وشارك فيها عن الوفد البرلماني اللبناني النائبان ياسين جابر وباسم الشاب. وتركّز النقاش على البند الطارئ الذي ستعتمده الجمعية، مع العلم أن البرلمانيين العرب لم يتوصلوا الى اقتراح موحد بعد إصرار الوفد السعودي على اقتراحه ضد القرار الأميركي «جستا» الرامي الى مقاضاة السعودية على خلفية هجمات 11 أيلول، وتقدمت سوريا بمشروع ضد الحصار المفروض عليها، وجدّد المغرب اقتراحه بشأن القضية الفلسطينية وبناء الدولة المستقلة.
وتلقى لبنان دعوة الى المشاركة في مؤتمر البرلمانات الآسيوية في كمبوديا، وانتخب الشاب نائبا لرئيس اللجنة اقتصادية للمؤتمر.
وشارك جابر باسم الوفد البرلماني اللبناني في اجتماع المجموعات الجيوسياسية، وجرى البحث في مواضيع عدة أبرزها صياغة استراتيجية الاتحاد البرلماني الدولي للأعوام بين 2017 و2021 ومنها ما يتعلق بدور المرأة والعدالة الاجتماعية.