IMLebanon

خصوم عون يراهنون على دخوله القصر بفوزٍ… باهت

michel-aoun-new

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

لن تغيّر “الضوضاء” السياسية المتعلّقة بما اذا كانت جلسة الانتخاب الرئاسية في البرلمان اللبناني الاثنين المقبل ستُفتتح على قاعدة أنها دورة أولى او ثانية، “حرفاً” في ما كُتب حول ان الجولة 46 في مسلسل الانتخابات ستكون “الضوء في نهاية النفق” الرئاسي وانها ستحمل الاسم رقم 13 الذي سينضمّ الى نادي الذين سبقوه منذ الاستقلال.

ولن تبدّل الشكوك إزاء مسار هذه الجلسة والسيناريوات المتداوَلة حول احتمال ان تَخرج من صندوقة الاقتراع الزجاجية مفاجآت غير محسوبة، من صورة “عون رئيساً” التي عكستها “المرآة الرئاسية” منذ ان قرّر زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري السير بـ “المخاطرة الكبرى” وتبنّي ترشيح زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون.

والواقع ان هذه الضوضاء والشكوك تتداخل، تاركةً بعض الأوساط تُبقي على قليل من الحذر حيال مآل جلسة 31 أكتوبر من دون ان تقفل الباب على مساراتٍ “عكس سيرِ” موجة الحسم بانتخاب عون رغم انه بات “دفترياً” منذ الخميس الماضي رئيساً. الا ان أوساطاً مطّلعة ترى عبر “الراي” ان “الغبار” الذي يسود المشهد الرئاسي من بوابة الدورة الأولى او الثانية كما مناخ التشكيك حيال النتيجة التي ستخرج من صندوقة الاقتراع، لن يقلب التوقعات بوصول عون الى سدة الرئاسة، انما يعبّران عن منحى يراد ان يفضي الى فوزٍ “على الحافة” لزعيم “التيار الحر” على منافِسه زعيم “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية الذي يحظى بدعم رئيس البرلمان نبيه بري في شكل رئيسي وأحزاب غير وازنة في مجلس النواب وبعض المعترضين على خيار عون من مستقلين.

وفي رأي هذه الأوساط ان “جبهة الرفض” لعون تخوض معركة شرسة لإخراجه من جلسة الانتخاب بانتصارٍ باهتٍ، بما يفضي الى انطلاقة ضعيفة لـ “عهد الجنرال” تسمح لبري خصوصاً بتقوية موقعه التفاوضي تجاه الرئيس الجديد كما تجاه رئيس الوزراء العتيد سعد الحريري في ما خصّ تركيبة الحكومة وتوازناتها وعناوين أخرى أبرزها قانون الانتخاب الجديد الذي وصل رئيس البرلمان الى حدّ إعلان “الجهاد الأكبر” لتحقيقه على قاعدة النسبية في مرحلة ما بعد الاستحقاق الرئاسي.

وحسب الأوساط نفسها، فإن الإشارات المتصاعدة الى اقتراب رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط من إعلان دعم العماد عون وتالياً حصوله على الغالبية الكبرى من أصوات كتلته الـ 11 (بين 7 و 8 أصوات) سيجعل فوز “الجنرال” مضموناً على فرنجية بمعزل عن اي حسابات للأخير من مثل محاولة استمالة كتلة “الكتائب اللبنانية” (5 نواب) الرافضين حتى الساعة اي سير بزعيم “التيار الحر”، ما يجعل التركيز من المعترضين على وصول الأخير ينصبّ على محاولة استقطاب بعض المتردّدين او الذين سيصّوتون بأوراق بيض في محاولة لحرمان عون الانتصار الكبير بالأصوات التي تناهز ثمانين او تتجاوزها.

وتترقب الأوساط ان يعلن جنبلاط دعم عون، إما بعد ان يزوره الأخير في الساعات المقبلة او عشية جلسة “الاثنين المنتظر” في أعقاب اجتماع كتلته ووفق سيناريو يرجّح ان يشمل إعلان مرشحه النائب هنري حلو الانسحاب من السباق الرئاسي. علماً ان إشارتين برزتا واعتُبرتا تمهيداً للسير بعون، أوّلاهما العلان جنبلاط ليل اول من امس بعد اجتماع كان عقده مجلس قيادة “الحزب التقدمي الاشتراكي” وقال فيه: “أياً كانت الاعتراضات فان التضحية والتسوية من اجل المستقبل أهمّ من كل شيء”. اما الإشارة الثانية فمن النائب حلو الذي أوضح في بيان إن ترشيحه لرئاسة الجمهورية “يستمرّ ما دام مفيداً لمصلحة الوطن، ويصل أو يقف إذا اقتضت مصلحة الوطن”، مشيراً إلى أن ذلك “يُعلن في حينه”.

وانطلاقاً من هذه المعطيات التي واكبها بدء مسار تقليص عدد الرافضين من كتلة الحريري التصويت لعون مع إعلان النائب نضال طعمة امس متوجهاً الى زعيم “المستقبل”: “نحن معك لأننا شركاء في مسيرة الحرية وكرامة البلد”، تعتبر الأوساط المطلعة نفسها ان المدخل الفعلي للراغبين في إكمال لعبة “حبس الأنفاس” والتضييق على عون في الأصوات التي سيفوز بها يتكئون على الإصرار على ان جلسة الاثنين الانتخابية ستُفتتح بعد توافر نصاب انعقادها (الثلثان اي 86 نائباً من اصل 128 يتألف منهم البرلمان) على انها دورة انتخاب اولى وليست ثانية بعد تلك التي كانت التأمت في 23 نيسان 2014 اي قبل نحو شهر من انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان ولم ينل فيها المرشح آنذاك رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الأكثرية المطلوبة للفوز، وهي 86 نائباً في الدورة الأولى.

وفي رأي هؤلاء، وعلى عكس موقف كتلة عون، ان الجلسة التي تمّ الاقتراع فيها لجعجع أُقفل محضرها وعُقدت بعدها في العامين الماضييْن جلستا تشريع، وتالياً فإن الموعد في 31 الجاري هو مع جلسة انتخاب جديدة وليست استمراراً في الدورات لجلسة نيسان 2014 وستبدأ بدورة أولى على عون ان يحصل فيها على 86 صوتاً ليُعلَن نجاحه فيها، وإلا يتجه النواب الى الدورة الثانية مباشرة مع شرط إبقاء نصاب الانعقاد نفسه (اي 86 نائباً) ويجب ان يحصل عندها عون على الأكثرية المطلقة (النصف زائد واحد من عدد النواب الذين يتألف منهم البرلمان) اي 65 صوتاً ليُنتخب رئيساً.

وفيما نُقل عن بري الموجود في جنيف ان هذه النقطة لا تحتاج الى تفسير ونقاش ولا يحبذ الاستفاضة فيها “ونقطة على السطر”، وسط تلميح الى أنه في حال أصرّ “العونيون” على أن الجلسة ستُفتتح بدورة ثانية فإن بري “مستعد للدعوة إلى عقد جلسة للبرلمان لشرح الدستور، تسبق جلسة الانتخاب”، فإن مصادر قريبة من “التيار الحر” الذي يرفض اي تأجيل لجلسة 31 الجاري اكّدت لـ “الراي” ان موقف التيار من هذه النقطة مبدئي “واقتناعنا ان الدورة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية حصلت منذ سنتين ونصف السنة ومن المفترض ان ندخل إلى الدورة الثانية بنصاب الثلثين وتصويت النصف زائد واحد”، مؤكدة في الوقت نفسه ان هذا الموقف لن يذهب الى حدّ السماح بالتسبب بمشكلة تطيح الجلسة مثلاً، في ظلّ معلومات عن ان “التيار” ليس في وارد مساعدة خصومه على عرقلة انعقاد الجلسة.

ومن هنا، فإن سيناريويْن يطرحان أمام جلسة الاثنين: الأوّل يتبناه المقتنعون بأن قطار التسوية الرئاسية يسير على السكة المرسومة، وفيه ان العماد عون لن يحصل على غالبية الثلثين المطلوبة للفوز بالدورة الاولى وانه سيفوز في الدورة الثانية بأكثرية تتجاوز النصف زائد واحد ربما بعشرة أصوات او ما يناهزها. والثاني يثيره المشككون، الذين يعتبرون انه في حال أظهرت الدورة الاولى تقارُباً في الاصوات بين عون وفرنجية، فإن الخوف ان يسمح ذلك للمتردّدين او الذين كانوا صوّتوا بأوراق بيض بأن ينضمّوا الى زعيم “المردة” متى شعروا بأن فوزه في يدهم، أو أقلّه بأن يجعلوا المعركة تُحسم “على المنخار”.

وفي أي من السيناريوين، ومع ترجيح الاوساط المطلعة ان يصحّ الاول – اي فوز عون في الدورة الثانية – فإنه لن يتسنّى لـ “الجنرال” دخول القصر متسلحاً بأصوات مرموقة تعكس عنصر الإجماع عليه، كما كان حصل مع الرئيسين السابقين اميل لحود ثم ميشال سليمان اللذين انتخبا بغالبية 118 صوتاً لكل منهما ولكن من دون معركة.